على أن يلبس الرجال الخمر التي تغطي الرأس والوجه والعنق والجلابيب التي تسدل من فوق الرءوس حتى لا يظهر من لابسها إلا العينان! وأن تلبس النساء العمائم والأقبية المختصرة ونحو ذلك أن يكون هذا سائغًا! وهذا خلاف النص والإجماع فإن الله تعالى قال للنساء:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} الآية، وقال:{قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} الآية وقال: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} ، فلو كان اللباس الفارق بين الرجال والنساء مستنده مجرد ما يعتاده النساء أو الرجال باختيارهم وشهوتهم لم يجب أن يدنين عليهن الجلابيب ولا أن يضربن بالخمر على الجيوب ولم يحرم عليهن التبرج، تبرج الجاهلية الأولى؛ لأن ذلك كان عادة لأولئك وليس الضابط في ذلك لباسًا معينًا من جهة نص النبي -صلى الله عليه وسلم- أو من جهة عادة الرجال والنساء على عهده بحيث يقال: إن ذلك هو الواجب وغيره يحرم فإن النساء على عهده كن يلبسن ثيابًا طويلات الذيل، بحيث ينجرُّ خلف المرأة إذا خرجت، والرجل مأمور بأن يشمر ذيله حتى لا يبلغ الكعبين، ولهذا لما نهى -صلى الله عليه وسلم- الرجال عن إسبال الإزار وقيل له: فالنساء؟ قال:"يرخين شبرًا"، قيل له: إذن تنكشف سوقهن قال: "ذراعا لا يزدن عليه"، قال الترمذي:"حديث صحيح" حتى إنه لأجل ذلك روي أنه رخص للمرأة إذا جرت ذيلها على مكان قذر ثم مرت به على مكان طيب أنه يطهر بذلك١، وذلك قول طائفة من أهل العلم في مذهب أحمد وغيره جعلا
١ قلت: الحديث صحيح؛ لأن له شاهدًا ذكرته فيما سبق "ص٨١"، فتصديره بلفظ: "روي" المشعر اصطلاحًا بضعفه، ليس كما ينبغي.