للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك قوله تعالى في [البقرة: ١٠٤] :

٤- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . قال الحافظ ابن كثير "١/ ١٤٨":

"نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم، وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص عليهم لعائن الله فإذا أرادوا أن يقولوا: اسمع لنا قالوا: راعنا، ويورون بالرعونة، كما قال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ٤٦] .

وكذلك جاءت الأحاديث بالإخبار عنهم بأنهم كانوا إذا سلموا إنما يقولون: "السام عليكم" والسام هو الموت ولهذا أمرنا أن نرد عليهم بـ"وعليكم"١، وإنما يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم علينا، والغرض أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولًا وفعلًا".

وقال شيخ الإسلام عند هذه الآية ما مختصره "ص٢٢":

"قال قتادة وغيره: كانت اليهود تقوله استهزاء، فكره الله للمؤمنين أن يقولوا مثل قولهم وقال أيضًا: كانت اليهود تقول للنبي -صلى الله عليه وسلم: راعنا سمعك، يستهزئون بذلك، وكانت في اليهود قبيحة. فهذا يبين أن هذه الكلمة نهي المسلمون عن قولها؛ لأن اليهود كانوا يقولونها، وإن كانت من اليهود قبيحة،


١ في هذا الإطلاق نظر يراجع له ما أوردته في "الصحيحة" "٢/ ٣٢٤-٣٣٠".

<<  <   >  >>