للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن المسلمين لم تكن قبيحة لما كان في مشابهتهم فيها من مشابهة الكفار وتطريقهم إلى بلوغ غرضهم".

وفي الباب آيات أخرى وفيما ذكرنا كفاية فمن شاء الوقوف عليها فلينظرها في "الاقتضاء" "ص: ٨-١٤ و٢٢ و٤٢".

فتبين من الآيات المتقدمة أن ترك هدي الكفار والتشبه بهم في أعمالهم وأقوالهم وأهوائهم من المقاصد والغايات التي أسسها وجاء بها القرآن الكريم، وقد قام النبي -صلى الله عليه وسلم- ببيان ذلك وتفصيله للأمة، وحققه في أمور كثيرة من فروع الشريعة، حتى عرف ذلك اليهود الذين كانوا في مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- وشعروا أنه عليه السلام يريد أن يخالفهم في كل شئونهم الخاصة بهم كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه:

"إن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} إلى آخر الآية فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح"، فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير، وعباد بن بشر، فقالا: يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما"١.


١ أخرجه مسلم "١/ ١٦٩"، وأبو عوانة "١/ ٣١١-٣١٢" في =

<<  <   >  >>