للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما السنة فالنصوص فيها كثيرة طيبة في تأييد القاعدة المتقدمة، وهي لا تنحصر في باب واحد من أبواب الشريعة المطهرة، كالصلاة مثلا، بل قد تعدتها إلى غيرها من العبادات والآداب والاجتماعيات والعادات، وهي بيان وتفصيل لما أجمل في الآيات السابقة ونحوها كما قدمت الإشارة إليه.

وها نحن أولاء نسوقها بين يديك؛ لتكون على بصيرة فيما ذهبنا إليه:


= صحيحهما"، وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
وقد أخرجه غيرهم، وتكلمنا عليه في "صحيح سنن أبي داود" "رقم ٢٥٠". قال شيخ الإسلام في "الاقتضاء":
"فهذا الحديث يدل على كثرة ما شرعه الله لنبيه من مخالفة اليهود، بل على أنه خالفهم في عامة أمورهم حتى قالوا:
"ما يريد أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه".
ثم إن المخالفة -كما سنبينه- تارة تكون في أصل الحكم، وتارة في وصفه، ومجانبة الحائض لم يخالفوا في أصله، بل خولفوا في وصفه، حيث شرع الله مقاربة الحائض في غير محل الأذى، فلما أراد بعض الصحابة أن يتعدى في المخالفة إلى ترك ما شرعه الله؛ تغير وجه الرسول -صلى الله عليه وسلم.
وهذا الباب باب الطهارة كان على اليهود فيه أغلال عظيمة، فابتدع النصارى ترك ذلك كله حتى أنهم لا ينجسون شيئًا بلا شرع من الله، فهدى الله الأمة الوسط بما شرعه لها إلى الوسط من ذلك، وإن كان ما كان عليه اليهود كان أيضًا مشروعًا، فاجتناب ما لم يشرع الله اجتنابه مقاربة لليهود، وملابسة ما شرع الله اجتنابه مقاربة للنصارى، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم".

<<  <   >  >>