للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"قلت: يا رسول الله إنا ملاقو العدو غدًا وليست معنا مُدى؟ قال -صلى الله عليه وسلم: "ما أنهر الدم وذُكر اسم الله فكل، ليس السنّ والظفرَ وسأحدثك: أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة".


= وأبو داود "٢/ ٦"، والنسائي "٢/ ٢٠٧"، والترمذي "٢/ ٣٥٠-٣٥١"، وابن ماجه "٢/ ٢٨٤"، والبيهقي "٩/ ٢٤٧"، وأحمد "٣/ ٤٦٣ و٤/ ١٤٠"، والطحاوي في "شرح المعاني" "٢/ ٣٠٦".
قال شيخ الإسلام "ص٥٤-٥٥":
"نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الذبح بالظفر معللًا بأنها مدى الحبشة، كما علل السن بأنه عظم. وقد اختلف الفقهاء في هذا، فذهب أهل الرأي إلى أن علة النهي كون الذبح بالسن والظفر يشبه الخنق، أو هو مظنة الخنق، والمنخنقة محرمة، وسوغوا على هذا الذبح بالسن والظفر المنزوعين؛ لأن التذكية بالآلات المنفصلة المحددة لا خنق فيه، والجمهور منعوا من ذلك مطلقًا؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- استثنى السن والظفر مما أنهر الدم، فعلم أنه من المحدد الذي لا يجوز التذكية به، ولو كان لكونه خنقًا لم يستثنه، والمظنة إنما تقام مقام الحقيقة إذا كانت الحكمة خفية أو غير منضبطة، فأما مع ظهورها وانضباطها فلا، وأيضًا فإنه مخالف لتعليل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنصوص في الحديث،.... فقوله -صلى الله عليه وسلم: "وأما الظفر فمدى الحبشة" بعد قوله: "وسأحدثكم عن ذلك"، يقتضي أن هذا الوصف -وهو كونه مدى الحبشة- له تأثير في المنع، إما أن يكون علة، أو دليلًا على العلة، أو وصفًا من أوصاف العلة أو دليلها، والحبشة في أظفارهم طول، فيذكون بها دون سائر الأمم، فيجوز أن يكون نهيه عن ذلك لما فيه من مشابهتهم فيما يختصون به". وفي "الفتح" ما خلاصته:
"قوله: "وأما الظفر فمدى الحبشة"، أي: وهم كفار وقد نهيتم عن التشبه بهم. قاله ابن الصلاح وتبعه النووي، واعترض عليه بأنه لو كان كذلك لامتنع الذبح بالسكين وسائر ما يذبح به الكفار، وأجيب بأن الذبح بالسكين هو الأصل، وأما ما يلحق بها فهو الذي يعتبر فيه التشبيه لصنفها، ومن ثم كانوا يسألون عن جواز الذبح بغير السكين وشبهها كما سيأتي واضحًا".

<<  <   >  >>