للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

...................................................................................


= البخاري في "الأدب المفرد" "ص١٤٦"، وإسناده صحيح على شرطه في "الصحيح". قال النووي:
"والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حسًّا وشرعًا، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس، وكذا السلام على الأصم". ذكره في "الفتح".
قلت: ثم إن الحديث عام يشمل -باستثناء من سبق- من سلم بالإشارة واللفظ معًا، أو بالإشارة دون اللفظ، وإن كان هذا أشد مخالفة؛ لجمعه بين ترك السنة -وهو إلقاء السلام أو رده- والتشبه بالكفار.
وأما النووي فقد حمله على هذا الأخير محتجًّا بحديث في ثبوته نظر، فقال في "الأذكار" "ص٣١٣" عقب حديث عمرو بن شعيب المتقدم:
"وأما الحديث الذي رويناه في كتاب الترمذي عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر في المسجد يومًا وعصبة من النساء قعود، فأشار بيده بالتسليم، قال الترمذي: حديث حسن. فهذا محمول على أنه -صلى الله عليه وسلم- جمع بين اللفظ والإشارة، يدل على هذا أن أبا داود روى هذا الحديث، وقال في روايته: فسلم علينا".
قلت: حديث أسماء هذا لا يصح، فلا يصلح للاعتماد عليه في إجازة ما دل مطلق حديث جابر وغيره على منعه؛ وذلك لأن إسناده يدون على شهر بن حوشب عنها، وهو مختلف فيه، وقد قال فيه ابن عدي:
وهو ممن لا يحتج به، ولا يتدين بحديثه، قال الحافظ في "التقريب":
"صدوق، كثير الإرسال والأوهام".
وكثرة أوهامه مما لا يشك فيه من تتبع روايته وأحاديثه، ولذلك لا نشك أن ما تفرد به أو اختلف عليه فيه؛ أنه لا يحتج به، وإنما يعتبر به في الشواهد والمتابعات، وقد تفرد بذكر الإشارة في هذا الحديث، بل اختلف عليه فيها؛ فمنهم من أثبتها عنه، ومنهم =

<<  <   >  >>