"لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه". متفق عليه، وهو مخرج في "ظلال الجنة" "٧٢-٧٥". قلت: ومع ذلك فإننا لا نزال نسمع بعضهم يترنم بقول القائل مخاطبًا النبي -صلى الله عليه وسلم: فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم فهذا شرك في بعض صفاته تعالى، فإن الله -عز وجل- كما أنه واحد في ربوبيته وألوهيته، فكذلك هو واحد في صفاته، لا يشاركه في شيء منها أحد من مخلوقاته، مهما سمت منزلته، وعلت رتبته، فهذا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- سيد البشر يسمع جارية تقول في غنائها البريء: وفينا نبي يعلم ما في غد فيقول لها -صلى الله عليه وسلم: "دعي هذا وقولي الذي كنت تقولين". أخرجه البخاري وغيره. فأين قول هذه الجارية مما يردده بعض المسلمين منذ مئات السنين: ومن علومك علم اللوح والقلم فهو عندهم ليس يعلم فقط ما في غد، بل يعلم ما كان وما سيكون مما سطره القلم في اللوح المحفوظ! بل هو بعض علمه!! سبحانك هذا بهتان عظيم وإثم مبين. ومن كان له اطلاع على كتب الصوفية والتي يسمونها بالحقائق "! "، وكتب الموالد، ونحوها، يرى من هذا القبيل العجب العجاب. وقد يتوهم كثير من الناس الذي يريدون أن يحسنوا الظن بكل الناس أن هذه الأقوال التي تقال في مدحه -صلى الله عليه وسلم- لا يقصدون معانيها الظاهرة منها. وأن كثيرين منهم لا يخطر في بالهم ذلك. ونحن نتمنى أن يكون هذا صحيحًا، ولكن: "ما كل ما يتمنى المرء يدركه" ... فقد سمعنا من أناس يظن فيهم العلم والصلاح ما يجعلنا مضطرين