للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحكمة الناشئة من نفس الفعل الذي وافقناهم أو خالفناهم فيه ومن نفس مشاركتهم فيه- وهذا هو الغالب على الموافقة والمخالفة المأمور بهما والمنهي عنهما، فلا بد من التفطن لهذا المعنى، فإنه به يعرف معنى نهي الله لنا عن اتباعهم وموافقتهم مطلقًا ومقيدًا".

قلت: وهذا الارتباط بين الظاهر والباطن مما قرره -صلى الله عليه وسلم- في قوله الذي رواه النعمان بن بشير قال:

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح١، حتى رأى أنَّا قد عقلنا عنه ثم خرج يومًا فقال:

"عباد الله، لَتُسَوُّنَّ صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم وفي رواية: "قلوبكم" ٢.

فأشار إلى أن الاختلاف في الظاهر -ولو في تسوية الصف- مما يوصل إلى اختلاف القلوب فدل على أن الظاهر له تأثير في الباطن ولذلك رأيناه -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن التفرق حتى في جلوس الجماعة، ويحضرني الآن في ذلك حديثان:

١- عن جابر بن سمرة قال:


١ جمع "قدح"، وهو السهم قبل أن يراش ويُنصَّل.
٢ أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، والرواية الأخرى لأبي داود بسند صحيح، انظر كتابنا "صحيح أبي داود" "رقم ٦٦٨-٦٦٩".
١- أخرجه مسلم "٢/ ٣١"، وأحمد "٥/ ٩٣"، والطبراني في "المعجم الكبير".

<<  <   >  >>