للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتصل هذا الاتهام بما سبق، ذلك أن الشعر الجاهلي ألصقت بها ظلمًا تهمة الوضعية المادية, مدعين بأن النفسية البدائية هي نفسية مادية تدرك معاني الأشياء في إطارها الحسي أو في أشكالها الظاهرة, وقد قام هذا إلى القول بأن شعرهم خلا من الخيال الخلاق الذي يبصر فيما وراء الأشياء، وهو خيال حسي حسير يعيد الأشياء إلى ذاتها في حدود الأشكال والألوان والمظاهر.

وفي ظني أن هذا الاتهام ينطلق من مفهوم البدائية وتطبيقه على المجتمع الجاهلي، وحقيقة الأمر أن هذا المجتمع لم يكن بدائيًّا كما توهم الباحثون الغربيون حين سحبوه على القبائل البدائية، بل كان مجتمعًا له قيمه ومعتقداته، وكان يختزن في رحمه طاقات هائلة كامنة استغلها الإسلام, فانطلق العرب يفتحون مشارق الأرض ومغاربها، فكيف يفعل البدائيون هذا كله خلال فترة وجيزة؟ بل كيف يؤمنون بهذا الدين وينتجون حضارة عظمى خلال قرنين من الزمان؟.

أما الخيال الخلاق فلم تتفق المذاهب النقدية المعاصرة على مفهوم واحد وتعريف واحد للخيال، ولا الخيال الخلاق.

ولذلك لا نستطيع أن نسبغ الحسية على الخيال عند الشاعر الجاهلي ونجعلها سُبَّة في جبين الشاعر، بل نقول: إنها كانت أحيانًا, ولكنها لم تكن عامة.

ويتناول إيليا حاوي في القسم الثاني من كتابه "في الأدب والنقد الجزء الأول" قصائد جاهلية يتناولها بالتحليل والنقد, وهذه النصوص هي:

لامرئ القيس: الأطلال والأحبة٢ "٢٩ بيتًا من المعلقة"، وصف الليل٢ "أربعة أبيات من المعقلة".

لعنترة: الفخر والحماسة٣ "٣١ بيتًا من معلقة" تبدأ بالبيت:

إن تغدفي دوني القناع فإنني ... طب يأخذ الفارس المستلئم

لعمرو بن كلثوم: الفخر الملحمي٤ "معلقته كاملة".


١ حاوي: في الأدب والنقد، ١/ ١٥٥-١٨٢.
٢ نفسه ٢٦٣-٢٦٩.
٣ نفسه ١٨٣-٢٠٣.
٤ نفسه ٢٧١-٢٩٢.

<<  <   >  >>