إن دراسة العلاقة بين الأدب والمجتمع قديمة قدم فكرة المحاكاة عند اليونان "أفلاطون وأرسطو", لكنها دخلت في القرن العشرين آفاقًا جديدة جعلتها مدار بحثٍ بين كثير من المهتمين بالأدب ودارسيه من الذين لم يرضوا عمَّا قيل في هذا المضمار منذ أفلاطون حتى أساطين النقد الاجتماعي، بحيث التقى الناقد الخلاق بمنهجه وبصيرته وحساسيته الأدبية، بدارس التاريخ الأدبي بمعرفته الوضعية وأساليبه التصنيفية، بعالم الاجتماع بعمليته والمعايرية ودراساته الميدانية. وكان التقاؤهم ينطوي على محاولة جادة للوصول إلى فهم أعمق وأخصب للظاهرة الأدبية المعقدة بأبعادها الذاتية والمجتمعية.
وإن أقدم تناول مباشر حاول رسم بناء نظري وفلسفي للعلاقة بين الأدب والمجتمع يعود إلى الفكر الإيطالي فيكون "١٦٦٨-١٧٧٤م" في كتابه المشهور "مبادئ العلم الجديد", الذي ضمَّنه نظريته الفلسفية والحضارية المعروفة بنظرية الدورة التاريخية، وبلوْرَ فيها فهمه النابع لدور الإنسان في خلق عالمه الاجتماعي وعلاقاته ومؤسساته, ومن ثَمَّ فنونه الإبداعية، وضرورة تحليل هذا كله بمصطلح علمي مادي وليس بمصطلح لاهوتي أو كنسي, وأقام "فيكو" على هذه الأرضية العلمية أوّل محاولة منظمة للربط بين أشكال التعبير الأدبي وطبيعة الواقع الاجتماعي.
وجاءت بعده مدام دي شتال "١٧٦٦-١٨١٧" فألفت كتابًا بعنوان: "تناغم الأدب مع المؤسسات الاجتماعية":١٨٠٠م" استعانت فيه بمفاهيم مونتسيكو "١٦٨٩-١٧٥٥" الاجتماعية, وببعض آراء معاصرها الألماني هيردر "١٧٤٤-١٨٠٣م" التي تقول بأن "كل عمل أدبي يتغلغل في بيئة اجتماعية