للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرى في هذه الدراسات والمحاولات أنها ظلت قائمة على متابعة الجوانب الأدائية الخالصة١.

ويذهب الباحث إلى التمسُّك بالقول بأن تشخيص فعالية الجهد الحضاري ينبغي أن يقوم على ملاحظة طبائع العلاقات الاجتماعية والقومية والإنسانية، وتشخيص فعالية أبعاد الضوابط والقوانين المتحكمة فيها، ومدى انشدادها إلى صيغٍ متبلورة تحدد طموحًا إنسانيًّا داعيًا إلى إقامة مجتمع يتركز فيه الجهد الإنساني على توفير فرص الحياة الكريمة للفرد وللمجموع, من خلال استخدام متطور للخبرة الموروثة المكتسبة في ميادين توظيف القدرات الإنسانية, لمواجهة حقائق الحياة وتحدياتها وقوانينها المفروضة٢.

والشعر -من وجهة نظره- يقف على ناصية طرفين متداخلين: يتمثّل أولهما في كونه صورة من صور التواصل بين حضارة الأمة وبين فعاليتها الفكرية المحددة بالظرف التاريخي. ويتمثل ثانيهما في كونه شاخصًا من شواخص هذه الفاعلية التاريخية, وفي تميزه منها بقدرته الاستثنائية على نقل أبعاد الطموح والتفاعل الإنساني التي تعجز كل النصوص الموروثة الأخرى عن تشخيص آثارها بصورة واضحة ودقيقة٣.

ويزعم الباحث أن "أوليات الفكر الشعري ظلّت تمتد إلى تفاصيل الطموح الذي وجد طريقه الخفي إلى قصائد المديح والرثاء, فرسم من خلالها أبعاد الشخصية الاجتماعية المثلى، وحدد متطلبات "العرف" المفترضة في هذه الشخصية، وذلك منطق ينسحب على قصائد الفخر الشخصي والجماعي التي ظل الشاعر خلالها يقدّم صور الاستشراف الواعي لملامح الطموح, مستهديًا بمقومات الريادة الفكرية للقصيدة الميهأة للانتشار في الوعي الاجتماعي في ظل سلطة "العرف" الخارقة٤، وفي رأيه أن هذا الفهم لطبيعة العمل الفكري في القصيدة الجاهلية سيكون كفيلًا بتفسير ظاهرة ضعف الشعر في المرحلة المبكرة من عصر صدر الإسلام.


١ محمود الجادر٥.
٢ نفسه٥.
٣ نفسه، عدد٣ "١٩٨١"، ٥.
٤ نفسه٦.

<<  <   >  >>