للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمشبه إلا أن ألف "طلبنا" أبعد من الإمالة؛ لأنه لا تأنيث فيها، ولذلك جعل سيبويه إمالتها شذوذا. فأما إمالة هاء التأنيث فأقوى؛ لأنها تشبه ألف "حبلى" لفظا ومعنى، أما اللفظ فإنها آخر كما أنها آخر١، ولاجتماعهما في المخرج والخفاء وانفتاح ما قبلهما.

وأما المعنى فما ذكرناه من التأنيث، فجرت في إمالة ما قبلها مجرى ألف التأنيث؛ لمشابهتها إياها من طريق اللفظ والمعنى.

فكان الكسائي يميل ما قبل هاء التأنيث في الوقف. وذكر الأهوازي أن ذلك مرويّ عنه نصا في خمس كلم لا غير.

حدثنا أبي -رضي الله عنه- حدثنا أبو علي الحسين بن عبد الله, حدثنا عبد الوهاب بن محمد، حدثنا الأهوازي، حدثنا أبو إسحاق الطبري٢، حدثنا أحمد بن عثمان الأدمي، حدثنا إدريس بن عبد الكريم، حدثنا خلف بن هشام قال: سمعت الكسائي يقف على قوله تعالى: {بِالْآخِرَةِ} وعلى "نعمة، ومعصية، ومرية، والقيِّمة"، ونحو ذلك بكسر الراء في {الْآخِرَةِ} ، والميم في {نِعْمَةَ} ، والياء في "مَعْصِيَة" وكذلك بقيتها وما أشبهها.

وحدثنا أبو داود، حدثنا أبو عمرو، حدثنا أبو مسلم، حدثنا ابن الأنباري، حدثنا إدريس، حدثنا خلف قال: سمعت الكسائي يسكت٣ على قوله {وَبِالْآخِرَةِ} وعلى {نِعْمَةَ} و {مِرْيَةٍ} و"معصية" وكذلك بقيتها وما أشبهها، يعني بالإمالة.

قال أبو جعفر: وهذه الحكاية عن خلف عنه تقتضي العموم وإطلاق القياس، لا ما ذكره الأهوازي.


١ أي: كل من ألف التأنيث, والألف المشبهة آخر الكلمة.
٢ هو أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري المالكي، بغدادي مشهور، ولد سنة "٣٢٤"هـ, وصنف في القراءات وتوفي سنة "٣٩٣"هـ "الذهبي: ٢٠١".
٣ المراد منه الوقف, وهو الذي معه تنفس.

<<  <   >  >>