للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من حقها أن نكتب الانهزام المريع على الناقدين الذين يتخذون من بو معبوداً لهم، وبينهم أدموند ولسن وفان ويك بروكس. لقد أظهر ونترز فيها جهل بو الناقد ودعواه العلم وكشف عن العاطفية المبتذلة في فكره، وسجل الصدمة المعقولة التي يلقاها من يطالع الطبيعة الآلية الفاسدة لآرائه في الشعر والتي تحيل الشعر إلى " التفاهة والبهلوانية " وتشمل جماليات الذين يعادون النورانية؛ وفضخ تفاهة نظرياته في الأوزان وجساوة أذنه وعد مواطن شططه الغريب في تقويم الأدباء، وأخيراً هدم أركان قصائده وأقاصيصه بالنص على صغار أسلوبه بخاصة. وهذه العملية في مجموعها " جزارة " لازمة، وليس يقلل منها وزناً أنها وليدة أسباب ظالمة، وأن كل صفحة عند ونترز لتوحي بأنه يعترض على بو لأن بو يقاوم كل فن ونقد يخضع للتقويم الأخلاقي (بل إذا عرف القارئ أن بين ونترز وبو شبهاً قريباً من حيث أن كلاً منهما يقدر تقديرات جامحة مغربة، وأن نظرياتهما في الأوزان متشابهة في التفاهة، وإذا تذكر هذا القارئ المثل القائل: " رمتني بدائها وانسلت " فليس هذا كله مما يفسد عملاً نقدياً ركيناً) .

وإذا استراح ونترز قليلاً من مسؤوليات التقويم الأخلاقي وجدنا فيه دارساً مدهشاً رحيب الخيال سديد الأحكام. وفي كتابه دراسات نقدية عديدة ذات أثر أخاذ، وبخاصة ذلك التحليل المسهب للرمزية الباطنية في منظر من مناظر " الحرف القرمزي " حيث تقف خستر وابنها بيرل منتظرين في بمنى الحاكم بلنجهام Bellingham ويريان نفسيهما في المرآة مشوهين. وكثيراً ما يورد تحليلات في الأوزان قوية، ومن الأمثلة الجيدة على ذلك تحليلة في كتاب " لعنة مول " ثلاث قصائد لاملي ديكنسون، هذا على الرغم من أن نظرياته في الأوزان موطن شك، وبخاصة نظريته في القاعدة الوزنية للشعر الحر (وسنعرض لها فيما بعد) ، وكتابه أيضاً مفيد

<<  <  ج: ص:  >  >>