للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نيويورك، وقد يجد مجتمعه " أن كثرة من المفكرين اليهود الأحرار غير مرغوب فيهم " وهلم جرا.

وكل هذا يضاف، لا إلى الفاشية تماماً، بل إلى نوع من العبث بها عبثاً متفحصاً عابراً قلقاً. وهو يقول في وصف خلقية الفاشية: " إنها قادرة على كثير من الخير في حدود "، وإن المغالطة متعينة الوجود في الديموقراطية ولكنها في الدكتاتورية محتملة الوجود، وإن الفاشية لتهيئ خلاصاً عاجلاً ولكنه ربما كان خادعاً، وإن للجنرال ج. ف. ك. فلر ٠ وهو فاشي بريطاني باعترافه؟ ملء الحق في أن يدعو نفسه " مؤمناً بالديموقراطية " كأي فرد آخر، وإن النازيين أصابوا حين أعادوا النساء إلى المطابخ وتربية الأطفال والكنائس. ويميل اليوت إلى " الدولة النقابية " (١) إذا لم تكن " وثنية " (أي ظناً، يميل إلى حكومة فرانكو وسلازار وموسوليني وبيتان ويرفض حكومة هتلر) وعلى أية حال " فما الفاشية إلا ديموقراطية بلغت أقصى الحد في الانحدار ".

ويبدو أن مبدأ الاتباعية عند اليوت ليس أساسه إلا سلاحاً لتحقيق هذا المجتمع المنفر البغيض، فمهمة النقد الاتباعي فيما يقول، هي " تحقيق النظام " أما عدوه فهو الفوضى، ومعنى هذا في لغة أدبية خالصة أن نجعل الناقد سوط عذاب ينصب على " الرومانتيكي " و " الهستيري " وما إلى ذلك، وبهذا الأخير يصبح ناقد مثل اليوت " متعقباً للزندقة " " متربصاً للسحرة " فيطلع على الناس بهذه المرثية العامة: " لقد أفسد الأدب الحديث كله ما أسميه النزعة الدنيوية "؟ و " أنا في شك من أن يصبح قارئ الأدب الحديث رجلاً صالحاً "؟ ويعلن أن دوره بصراحه هو دور " المصلح الأخلاقي ". ويتعقب اليوت بدعاً معينة بل الحق أن سلسلة


(١) Corporative State وهي نظرياً مثال الدولة الفاشية بإيطالية (١٩٢٤ - ١٩٤٣) وتكون السلطة فيها في أيدي مجموعات، تضم كل مجموعة أصحاب رءوس الأموال والعمال في ناحية.

<<  <  ج: ص:  >  >>