للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المحاضرات التي سماها " بحثاً عن آلهة غريبة " ليست إلا حديثاً في الزندقة الأدبية الحديثة مذيلة بفهرست ممتع يضم أربع عبارات زنديقية استمدها من مصادر شيطانية مثل هربرت ريد والتايمس اللندنية، ويصرح أن غاية الأدب هي محاربة مذهب حرية الرأي. وعندما سلط اليوت نقده السديمي المستطيل على جرارد مانلي هوبكنز، وهو أسقف يسوعي، فهو نظرياً إذن يستحق التبجيل، وحين أجمل هذا النقد كله بكلمة ختامية قال فيها: " إن هوبكنز في هذا الصراع كله لم يقدم لنا إلا عونا ضئيلا "؟ عندئذ كان اليوت يصرخ بأنه لا يكترث بالقيم الجمالية وحدها في تقدير العمل الفني.

ترى كم من اهتمام اليوت بالشعر الذي يلقى قبولا عند الجماهير، دعاوي محض؟ أي إلى أي حد ليس يعنيه إلا أن يجد عددا كبيرا من المستمعين لمبادئه الدينية والاجتماعية؟ إن الحدس في هذه الناحية ليبدو طريفا ممتعا. غير أنه لا ريب في أن اليوت مشغول البال بمسألة جمهور كبير يستمع للشعر، وفي ذلك يقول: " أعتقد أن الشاعر يفضل؟ طبيعيا؟ أن يكتب لأكبر جمهور ممكن، وأكثره تنوعا. وأكثر من يقف في طريقه إنما هم أنصاف المتعلمين أو حثالة المتعلمين لا الأميون، وإني لأفضل أن يكون جمهوري ممن لا يقرأون ولا يكتبون ". ثم وسع في هذا الرأي ونماه على شكل نظرية تقول: " إن الأديب في حاجة إلى ثلاثة جماهير تشترك في مركز واحد، جمهور صغير له مثل حظ الشاعر من الثقافة والذوق، وجمهور كبير بينه وبين الشاعر متكأ مشترك وأخيرا لا بد من أن يكون ثمة شيء مشترك بينه وبين كل ذي ذكاء وإحساس يستطيع قراءة لغته ".

ويتخذ هذا الاهتمام بجمهور كبير للشعر شكلا رئيسيا آخر يتمثل في اهتمام اليوت بالمسرحية الشعرية، فمسرحياته المنظومة تؤدي مهمات متشابكة. وقد أقر اليوت أن الشخصيات في المسرحية " إنما تمثل بوجه

<<  <  ج: ص:  >  >>