للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في هذا المجال. وكل ناقد؟ مهما تكن طريقته؟ يحتاج تلك الخصائث التي سميناها الذكاء والمعرفة والمهارة والحساسية والقدرة على الكتابة؟ يحتاج الذكاء ليكيفه بما يلائم العمل الذي يعالجه، والمعرفة من أدبية وغير أدبية ليكون على وعي بما يتطلبه عمله، والمهارة لئلا تتدرج به طريقته أو تنساق به نحو وحدة آلية جوفاء، والحساسية ليظل دائماً متنبهاً للقيم الخاصة في العمل الذي ينتقده من حيث أنه يمثل تجربة جمالية فذة، والمقدرة الأدبية ليحسن التعبير عما يريد أن يقوله. وليس ثمة من محك تختبر به هذه الخصائص الذاتية، حتى إن شيكسبير، ذلك المحك التقليدي، ليس عوناً كبيراً في هذا المضمار. فهنالك رجلان تميزا في النقد المعاصر بالحط من شيكسبير وشتان ما هما: أولهما ولدو فرانك وهو داعية للتقوى محترف وليس له إلا علاقة واهية بالأدب، ولثاني جون كرو رانسوم وهو من أحذق العقليات الناقدة وأشدها مضاءً وحدة في عصرنا. وعند تقدير أعمال الناقدين لا يحسب حساب هذه الخصائص، وعندما نستعرض طريقة نقدية ونخضعها للمقياس الموضوعي ونعزلها عن صاحبها الحي، نستطيع أن نفترض وجود هذه الخصائص أو؟ على الأصح؟ أن نرجو توفرها.

ومن المضامين الرئيسية في النقد الحديث تطوره ليكون علماً، أما في المستقبل الذي يمكن التكهن به والحكم عليه، فالنقد لن يصح علماً؟ سواء أتقبلنا هذه الحقيقة مستسلمين أو شاكرين؟ ولكنا نتوقع منه أن يزداد تدرجاً في الاتجاه العلمي أي نحو تكوين منهجية شكلية ونظام للمعالجة قابلين للنقل والاحتذاء موضوعياً. وكما أن أي تجربة عملية يمكن محاكاتها أو اختبارها ما كتب عنها في أي زمان ومكان وعلى يد أي شخص يستطيع القيام بالممارسة الضرورية، فكذلك هي المعالجة النقدية؟ سيصبح في مقدور أي فرد أن يعيدها ما دامت تتوفر له القدرة والرغبة الضروريتان أما الحساسية الخاصة فشيء يتفرد به الناقد ويموت بموته، وأما وسائله فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>