نقلها موضوعياً سيصبح أمراً ممكناً وسيحتاج من يعيد استعمالها محتذياً؟ ولا بد؟ حساسية ومميزات أخرى تقارب ما كان لدى الناقد الأصيل، على حال لا تنطبق على العلوم الطبيعية منذ بدء الطريقة التجريبية. ففي مجال الطبيعيات يستطيع الأحمق والجلف إذا توفرت لديهما الكفاية الأولية أن يصلا إلى النتائج التي توصل إليها بويل إذا هما أعادا تجارب هذا العالم. ثم إن الناقد في طريقة التحليل النقدي مهما تبلغ هذه درجة التجارب الموضوعية سيظل داخلاً في المجال الذاتي المحض ما دامت هنالك مصطلحات مثل " تقويم " و " تذوق "؟ سيظل الأمر كذلك سواء كان النقد بناءً مؤسساً على التحليل الموضوعي الركين، يقيمه امرؤ عارف عاقل، أو كان نزوة لا محل لها أو هوى يصدر عن رجل أحمق.
أما المضمون الرئيسي الآخر في النقد الحديث فهو تطوره في اتجاه نقد ديموقراطي، أي تحقيقاً لما رجاه إدمند بيرك حين قال:" أن يصبح كل إنسان ناقداً لنفسه ". فقد كتب بيرك في مقاله عن " الرائع والجميل " يقول: " إن المقياس الحقيقي للفنون في طوق كل إنسان وإن ملاحظة ما هو شائع في الطبيعة بل أحياناً ما هو حقير واه لمينح المرء الأنوار الهادية حيث يكون لأعظم الحكمة وأسنى الجهد اللذين يغضان من شأن هذه الملاحظة أثر في تركنا سامدين في الظلام أو في إمتاعنا وتضليلنا بالأضواء الخادعة؟ وهذا أدهى وأمرّ؟ ". ومعنى هذا الكلام؟ بنزاهة؟ أن الملكات الإنسانية وحدها، دون عون خارجي، قد تجعل من أي إنسان ناقداً. وهو رأي مناقض تماماً لما قاله فرانسس بيكون في كتابه " القانون الجديد " Novum Organum من أن اختيار هذه الطريق (المعرفة بالتأمل في الطبيعة) يسوي بين جميع العقول كما تسوي البوصلة أو المسطرة بين الأيدي جميعاً. وفي مكان ما بين هذين الرأيين تقع الإمكانيات التي تجعل من النقد الحديث ديموقراطياً، أي أن توسيع الأساليب سيزيد في عدد الناقدين