للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القادرين؟ لا احترافاً في أغلب الأحوال وإنما لكل في نطاق قراءته وحياته الخاصة، وهذا الاحتمال يهدد بتناقض قدسية الناقدين المحترفين ولكن تهديده لذوي المصالح المادية أكثر (١) .

أصوله

يمكننا القول بأن النقد الأدبي الحديث يبدأ بأفلاطون وأن أرسطوطاليس مضى فيه ووسعه؛ بل إن هذين الرجلين هما؟ على التحقيق؟ رائده العظيمان، حين سبقا إلى أشياء كثيرة، وفيما سبقا إليه كثير من التطبيق النقدي المعاصر. أما أفلاطون فقد وجه طريقته الفلسفية الديالكتيكية، كما بينها في الكتابين الخامس والسابع من " الجمهورية "، إلى الشعر وإلى الفروض النفسية الاجتماعية القائمة في أصله ومهمته. وإذا كانت نتائجه قد استبعدت الشعر فلسفياً لأنه مجانب للحقيقة الأفلاطونية الصحيحة ولأنه من ناحية اجتماعية نفسية ضار بالمجتمع السليم (٢) ، فإن طريقته هي الطريقة الحديثة، إذ سلط عليه كل المعرفة المنظمة التي كانت لديه. أما في حال أرسطوطاليس فإن المدرسة الأرسطوطاليسية الجديدة في النقد بجامعة شكاغو قد بذلت جهداً حديثاً لتقول إن هذا الفيلسوف لم يستعمل المبادئ أو المعرفة الاستنتاجية في الشعر، وإنما فحص القصائد استقرائياً من حيث أن كل


(١) يعني حين يصبح الناقد ديموقراطياً قد يتضاءل شأن الناقد المحترف ويستغني عنه إلى حد كبير، ولكن خطر شيوع النقد واستقراء الملكات النقدية عند نسبة كبيرة من الناس قد يهدد رجال المال الذين لا يعيشون متبسطين إلا حيث يستحكم الجهل وتضعف ملكة النقد.
(٢) لا بد للقارئ من أن يتذكر في هذا المقام أن أفلاطون كان يرسم بالجمهورية مدينة فاضلة وأنه في مثل تلك البيئة لا يرى مكاناً للشعر القائم على المحاكاة (لا كل أنواع الشعر) . ون ناحية اخرى هناك نظريته عن العالم المثالي وأن هذا العالم الدنيوي ليس إلا تقليدياً له، وأن الشاعر حيث يقلد هذا العالم يبتعد عن الحقيقة ثلاث خطوات. أضف إلى هذين العنصرين تقديسه للعقل، والشعر يتجه نحو العواطف ولذلك اتهم أفلاطون - منتصراً للعقل - هذه " العاطفة " أو اتجاه الشعر " لسقي العواطف بدلاً من تجفيفها " أي لإثارتها وتقويتها بدلاً من إخمادها وإضعافها.

<<  <  ج: ص:  >  >>