للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذين طار صيتهم في النقد من مثل هنري سيدل كانبي والأخوين فإن دورن؛ وإذا كشف عنهم لم تجدهم أكثر من مراجعين متنكرين.

وثمة سمة أخرى للنقد الحديث تستحق أن ينوه بها، وهي أن كل ناقد ينزع إلى أن يكون لديه صورة مجازية فارقة، أو عدد من الصور، يرى من خلالها عملية النقد، وهذه الصورة؟ بالتالي تشكل عمله وتنبئ عنه، وتجعله؟ أحياناً محدوداً. فصورة الناقد عنه ر. ب. بلاكمور أنه جراح سحري يجري العملية دون أن يقطع الأنسجة الحية. والناقد عند جورج سينتسبري، سكير. أما عند كونستانس رورك فهو " مسمد " يرش الأرض من أجل حصاد طيب. وهو عند ولدو فرانك " مولد " يظهر للوجود نسمةً جديدة. وهو مائل عند كنث بيرك؟ بعد أن استعمل عدة صور؟ في صورة مدير مسرحي ثري يخرج على المسرح كل عمل تمثيلي يعلق بخياله. وهو عند غزرا بوند رجل صبور يأخذ بيد صديقه ليريه مكتبته ... إلى غير ذلك من تصورات.

إن ما لحظناه فيما تقدم من أساليب وتقنيات في النقد الحديث ليترشح من خلال هذه الصور المجازية الكبرى، كما يترشح أيضاً من خلال شيء غير ملموس أعني به جهاز الذكاء الشخصي للناقد ومعرفته ومهارته وحساسيته وقدرته على الكتابة. وليس في النقد طريقة؟ مهما تبلغ روعتها؟ بقادرة على أن تكون سداً حائلاً دون الحماقة، وتكاد كل تقنية في النقد الحديث تستعمل بألمعية على يد الألمعيين من النقاد ثم تكون هي نفسها معرضاً للعجز إذا استعملها الأغبياء الجهلة المقصرون البلداء (كما سنعرض في الفصول التالية من هذا الكتاب) . على أنه من الناحية الأخرى قد يحسن النقد أو يبرع فيه امرؤ طيب يتمتع بفضائل الناقد؟ في هذا العصر أو في أي عصر آخر؟ وليس لديه من الأساليب إلا استغلال ذكائه وحساسيته. ومثل هذا ليس ناقداً حديثاً بالمعنى الذي اصطلحناه. ولا يهمنا الحديث عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>