للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له في أحوالها. فالنقد يريد أعمالاً فنية يتخذ منها مادته وموضوعه ويقدم بديلاً عنها خدمات ثانوية بالغة القيمة، كأن يساعد القارئ على فهم العمل الفني وتذوقه، ويساعد الفنان على أن يفهم فنه ويقومه، ويعين على تقدم الفن وتطوره، بتعميم المعايير المطلوبة أو بتحديدها وتجهيزها. وهو في حالات خاصة يوقظ جيلاً من الشراء كما فعل إمرسون أو فإن ويك بروكس في أول عهده وهو قد يعين موضوعات للأدباء يكتبونها مثلما يفعل غوركي وبرنارد دي فوتو، وقد يغير اتجاه الفن أو يحاول ذلك مترسماً خطى تولستوي والأخلاقيين في محاولة التغيير وخطى بوالو والنقاد الرومانتيكيين الإنجليز في تحقيق التغيير نفسه، أو قد يمد الفنان (وأحياناً نفسه) بموضوعات محددة وتقنيات وقواعد عملية مثلما يفعل عدد من نقاد الشعر المعاصرين.

وعلى حد النقد الأدبي من إحدى ناحيتيه تقع المراجعات وعلى الناحية الأخرى منه يقع علم الجمال. أما المراجع فإنه يرى في الكتب متاعاً، وأما الناقد فيرى فيها أدباً أو كما يقال في الاصطلاح الحديث يرى عملاً أو سلوكاً أدبياً، وأما الجمالي فيهمه من الأدب التجريد، وليست له رغبة في كتب معينة. ومثل هذا التمييز بين هؤلاء الثلاثة إنما هو تفرقة في الدور الوظيفي الذي يؤديه كل منهم وليس تفرقة صارمة الحدود؛ فقد يتجاوز كل واحد منهم مجاله إلى غيره، فإذا غفل المواجع عن خصائص المتاع، وهو يتحدث عن كتاب، وأخذ في الحديث عما للكتاب ن مميزات، من حيث هو نتاج أدبي، أصبح لهذه المراجعة، على الأقل، يعد في صف النقاد. والناقد الذي يرسل التعميمات عن الطبيعة المجردة للفن والجميل، يصبح مؤقتاً في عداد الجماليين؛ والجمالي الذي ينقد أعمالاً أدبية محددة، مستعملاً المصطلح الذي يكشف عن خصائصها الفذة، إنما هو ناقد في تلك الحال. ومن أبرز ملامح هذا العصر وجود ذلك الجم الغفير من

<<  <  ج: ص:  >  >>