التي تنتمي إلى المجال الأخلاقي الجمالي، وهو مجال منفصل تماماً عن مجال العلية. فإذا حاول أحد أن يتحول بالسيرة إلى علم، فذلك عبث لا طائل تحته، كالأمر في التاريخ أيضاً.
وقد كانت هذه القدرة على استبصار الشخصية والذات، مع اندفاع لا إيغال فيه في استعمال الذكاء؟ ذلك العضو المسيب للشلل؟ هي المظهر الرئيسي في كل إنتاج بروكس؛ وهي وشيجة ثابتة تتخل سلسلة من التغير المستمر المحير، فإذا شئنا أن نتتبع مواطن ورودها، أصبح من الهام أن نرتب كتبه حسب تاريخ صدورها:
١ -؟ فأول كتبه النقدية هو " خمرة البيورتانيين " Wine of the Puritans وعنوانه الفرعي " دراسة لأميركية المعاصرة "؟ نشر في لندن سنة ١٩٠٨ حين كان بروكس يعيش في انجلترة (وقبل ذلك أي حين كان طالباً في هارفارد سنة ١٩٠٥ اشترك هو وجون هول ويلوك بنشر شعرهما في كراسة دون أن يذكرا اسميهما) . وهذا الكتاب " خمرة البيورتانيين " في شكل حوار يدور بين بروكس وشاب اسمه غرايلنغ Graeling في باية Baja بإيطالية. وهو وثيقة لعلها أغنى وثائق القرن العشرين احتفالاً بمبدأ " الفن للفن "، ولا ينقصها إلا صور بيردسلي Beardsley ويهمهم أحد الشبان بقوله وهو يشير بإصبع عاجية واهنة: " هذا وسق آخر من الطليان ذاهب ليحتل مواضعنا في الوطن ". ويؤكد لنا بروكس، وهو يكتب بياناً صغيراً يدعو فيه إلى التغرب عن الوطن: أن التاريخ الأميركي فير قريب إلى القلب، فإن بارنوم (١) هو الأميركي النموذجي فيه، والاشتراكية هي " الحلم الباهر بألوان من اليوتوبيا يستحيل تحققها ". ومع ذلك فإن
(١) بارنوم (١٨١٠ - ١٨٩١) مدير مسرح، أخفق أولاً في أن يكون صاحب دكان فأسس جريدة أسبوعية ثم أصبح صاحب مسرح وعارض تمثيليات. رحل إلى أوروبة ثم عاد إلى وطنه فأخفق في الوصول إلى مجلس الشيوخ الأميركي فنظم " السرك " وأعلن أنه " أعظم استعراض في العالم ".