للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد قام بروكس في سنواته الأربعين وفي كتبه التسعة عشر بتحولات كثيرة، حتى ليعسر علينا أن نلحظ فيها مثالاً ثابتاً. فقد كان جمالياً واجتماعياً وفرويدياً وكاتب بيانات ومتبعاً ليونج وداعياً إلى حرق الكتب مثل تولستوي وأخيراً كان مؤلفاً لشذرات أدبية فكاهية وحكايات عن الأسفار من أجل " نادي كتاب الشهر ". وكان أولاً يأبى إباءً مطلقاً لبيقاً أن يعترف بأميركة وبالثقافة الأميركية فتحول إلى قبولهما والاعتراف بهما اعترافاً مطلقاً دون فحص أو نقد. بل لعله انتحل كل الاتجاهات السياسية والفلسفية المعاصرة وسماها جميعاً " اشتراكية ". ومع ذلك كله فهناك مثال ثابت في كتبه يستمر من أول كتاب إلى آخر كتاب، غير أنه ثبات في الطريقة لا في الرأي، أعني طريقة النقد المعتمد على السيرة.

والقضية الأساسية المسلم بها إنما توجد في دراسة حياته وذاته وشخصيته، وقد كتب بروكس يقول في كتابه " أميركة تشب عن الطوق " America " s Coming؟ of؟ Age: " إن الطريقة الوحيدة المثمرة هي دراسة الشخص نفسه ". وبعد ذلك بربع قرن، عرف في كتابه " آراء أوليفر أولستون " The Opinions of Olivere Allston ما الذي يعنيه بالاتجاه الشخصي في دراسة السيرة وميزه عن الاتجاه العلمي فقال:

أما هذه الحقائق (حقائق التحليل النفسي) فما عادت أنفع من سواها. وتظل كل الحقائق عنه عديمة الجدوى حتى يأتي كاتب السيرة فيستوعبها ويتمثلها تحت ضوء من قدرته الحدسية الاستبصارية بكل ما تتمتع به من تحسس للحقيقة والتناسب. وهذه القدرة أداة ذهنية تختلف عن الذكاء، وواقع الأمر أن الذكاء يشلها عن العمل. فليست العلل هي التي تهمنا في السيرة، وإنما الشخصية نفسها؟ الشخصية

<<  <  ج: ص:  >  >>