مكينة ليست متوفرة لدى الأميركي، بل إن محاولة تشرب المعارف الزنجية كانت محاولة من هذا القبيل، غير أن الزنجي ليس لديه ما يقدمه إلا صورة باهتة مشوهة من ثقافة أولية، كما أن السعي لثقافة الهنود كان عقيماً.
إن ما تحاوله الآنسة رورك في هذا الكتاب هو أن تعرف " القاعدة البدائية " التي تشمل " الأغاني والأهازيج البدائية والمسرح الشعبي والحوليات الفجة " وهي غالباً ما تكون " مليئة بعناصر مبعثرة غير مصقولة، حافلة بالضراوة أو بالغرائب المنفرة " وعلى تلك القاعدة يقوم أدبنا، شأنه شأن غيره في هذا. وتحاول الآنسة رورك أن تنص على هذه العلاقة جاعلة منها موضوعها الرئيسي وموضع اهتمامها فتقول:
من نسيج سداه تلك الخيوط الشعبية ولحمته تعبير جديد، على صعيد جديد، نشأ أدب متثل، كغيره من الآداب، بموروث شعبي قديم، يمكن أن نسميه " فولكلور "، لأننا لا نجد له تسمية أخرى.
وترسم الكلمة النهائية في كتابها نوع المهمة الجامعة التي لابد من أن يؤديها النقد: قلما تجد بين الفنانين من عمل دون رصيد موروث خصب، ومهمة النقد هي " الكشف في الموروث الأميركي عن المواد التي قد يغمس فيها الفنان نفسه، والسعي لبثها ".
وقد الكتابان التاليان محاولتين لبث هذا الرصيد الموروث. وأولهما هو " ديفي كروت " Davy Crokett (١٩٣٤) والثاني " أودبون " Audubon (١٩٣٦) . أما الأول فهو صورة لإخفاقها التام؟ كتب بالأسلوب الشائع الموجه في كتب الأطفال لقراء في عقدهم الثاني فما زاد على أن كان خليطاً ملبوكاً من شخصية كروكت الحقيقي والخرافي وسلسلة من حكايات " ممسرحة " تضم فيها " الحديث العريض " الذي يقصه أبناء كروكت حول البيت