للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوظيفي عند الحرفين الحذاق في الطائفة الشيكرية (١) ، فغرس في هذا الموروث جذور فنه، وأفاد فنه بذلك فائدة جلى. وحين ألقت على رسوم شيلر وصوره نظرة فاحصة (طبعت كثيراً من تلك الرسوم في كتابها لتشهد على ما تقول) استكشفت المبدأ الأساسي الذي فات عشاق الموروث الشعبي السابقين إدراكه، وهو أن الموروث ليس في الموضوع وإنما في الشكل وأن السر ليس في أن يرسم الفنان ابن الغاب (أو فتى الجبال) وهو يبني أهراء لغلاله وإنما في أن يرسم على طريقة ابن الغاب وهو يؤدي ذلك العمل. (ذلك هو الإدراك الكاشف الذي ساعدها على التبصر النفاذ فيما بعد، في مثل قولها: إن الأدباء الذين قالوا ليس لدينا موروث مسرحي وطني كانوا مخطئين، ذلك لأنهم لم يعرفوا أين يجدونه. أما هي فإنها تمعنت في الشعائر العامة التي تحيط المعاهدات الهندية، وفي الرواية التعليمية التي تشتملها الموعظة الكالفنية، وهناك وجدت الموروث الذي أخطأوه) . وعلى هذه الأرض الصلبة من الكشوف في كتابها هذا وثقت مبادئها بركاز جديد من الثقة، فكتبت تقول: " لعل تربة بلادنا لم تكن رقيقة فقيرة بحيث تعجز عن إنماء تعبير خالق ". وأبرزت كيف أن شيلر ذهب يدرس أشكال الفن المعماري والحرف اليدوية في إقليم بكس مكتشفاً مباني الطائفة الشيكريه وأثاثها وشعار الشيكريين القائل " لكل قوة شكلها ". وأظهرت كيف تميز شيلر في النهاية دليلاً هادياً لمن شاءوا أن يستغلوا الموروث الأميركي في مجال الفن، أميركيا دون أن يصبح إقليمياً، حديثاً وجذوره راسخة في أعماق الماضي، مستوحياً للأهراء الشيكرية وفن النحت الزنجي البدائي على حد سواء.


(١) طائفة تعتمد في شعائرها الاعتراف المكشوف بالخطيئة وتقول تظهور المسيح ثانية وقد سموا بهذا الاسم لأنهم يهتزون وينتفضون في إحدى رقصاتهم. ومن مبادئهم العزوبة والعيش في جماعات والقضاء على الملكية الفردية. وقد كانت لهم جهودهم التي ميزتهم في ميدان الفن المعماري والرقص والطقوس والأغاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>