للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على السخرية أن الآنسة بودكين وهي أحق الناس بتوسيع ملاحظ لويس، عن مصادر الصور عند كولردج، في المجال الوحيد الذي يمكن توسيعها فيه، أعني مجال التحليل النفسي، تأبى عامدة أن تقوم بذلك. وهي مثلها مثل لويس عارفة تماماً بالرمزية الجنسية الواضحة فيالكهوف والجبال في قصيدة قبلاي خان.

وبعون من هذه المجموعة الانتقائية من النظريات والمبادئ، خلقت الآنسة بودكين نقداً أدبياً ولم تنتحل علماص. وعلى الرغم من هذا الجهاز فإنها مولعة بالعشر، دارسة حساسة، وكتابها " النماذج العليا في الشعر " يتميز بنفاذ البصيرة في المبنى العاطفي لرواية الملك لير وبتفسيره (ولعله أول تفسير مرضٍ في عصرنا) لما لشعر شللي من هيمنة على قرائه، وبتحليله المرهف النفاذ لفنية فرجينيا ولف وبكثير غير ذلك. ولنقل كما يقول كنث بيرك: إنها في الدرجة الأولى لا تهتم بالنماذج من حيث هي، وإنما تهتم بالشعر كما يبدو في النماذج.

٣

- إن النقد النفسي للأدب ليعد في بلادنا نحن تطوراً، أكثر من أي منهج نقدي آخر نتحدث عنه في هذا الكتاب، لأن علم النفس، كفرع منظم من المعرفة، قد بدأ في حياة من لا يزالون منا أحياء حتى اليوم. فإن عدينا عن هذا المعنى الدقيق، قلنا إن النقد بعامة كان نفسياً منذ بدايته بمعنى أن كل ناقد قد حاول بوضوح أن يستغل في نقده ما يعرفه أو يؤمن به من عمليات الفكر الإنساني. فلما تعرف فرويد قبل أن ينتهي القرن التاسع عشر بقليل إلى اللاوعي، أحرز علم النفس اتجاهاً يستطيع منه أن يفهم ويستبصر الأمور على نحو لم يكن متيسراً في أصول الأعمال الأدبية ومبانيها. وقليل هم الذين يستحقون الذكر من النقاد النفسيين قبل فرويد، وأعلاهم

<<  <  ج: ص:  >  >>