للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهمية؟ بالطبع؟ أرسطوطاليس، المصدر الأول لعلم النفس والنقد النفسي للأدب. وتتخل سيكولوجيته التجريبية كل مؤلفاته كما أنها المحور الذي يدور عليه " كتاب النفس " وكتاب " الطبيعيات الصغرى " ورسائله القصيرة الطبيعية عن الذاكرة والتذكر وعن الرؤيا والتنبؤ عن طريق الرؤيا. وقد طبق سيكولوجيته على الشعر في " البويطيقا "، رداً على الأغلوطة الشعرية التي وقع فيها أفلاطون في " الجمهورية " إذ قال إن الشعر " يغذي " العواطف وإنه لذلك ضار اجتماعياً، فعارضه أرسطوطاليس بنظريته السيكولوجية الرصينة في التطهير "، أي أن الشعر يستثير عاطفتي الشفقة والخوف على نحو رمزي، يمكن ضبطه، ثم يطهرهما. وما " البويطيقا " إلا نص في سيكولوجية الفن، وما مبادئ (hamartia) أي الخطأ التراجيدي الناشئ عن قصر نظر البطل في موقفه، و (Peripateia أو هزة التغير والانقلاب في مقدرات البطل (١) ، وتفضيل المستحيل المحتمل على الممكن غير المحتمل، وغير هذه من مبادئ، إلا الدعائم الأولى للحقائق النفسية. وقد كان أفلاطون في كتابه " ايون " يرى أن الشاعر مجنون ملهم، أو مريض عصبياً، أما أرسطوطاليس فوجد فيه شيئاً يشبه السيكولوجي الملهم (٢) .


(١) لا خلاف بين الدارسين حول اصطلاح Peripateia أما اصطلاح hamartia فله ظلال كثيرة من المعاني: فقد تعني هذه الكلمة خطأ ناجماً عن جهل بالظروف، وقد تشمل كل خطأ ناجم عن التسرع أو الاستخفاف، وقد تدل على خطأ واع لكنه غير مقصود كما يحدث أثناء الهياج والغضب. وقد تدل على نقص خلقي وعندئذ فإنها تشير إلى ضعف بشري غير مشفوع بغايات شريرة، ولعل المعنى الأخير هو المقصود في سياق نص أرسطوطاليس.
(٢) الكلام عن جنون الشاعر يذكر بتلك العبارة الغامضة التي قالها ارسطوطاليس في كتاب الشعر " ومن ثم احتاج الشعر ... إلى إنسان به طائف من جنون " فقوله طائف من جنون تعبير مخفف آثره بيووتر في ترجمة لكتاب الشعر، أما غيره من المترجمين فقد استعملوا كلمة " جنون " غير ملطفة، وهؤلاء تؤيدهم الترجمة العربية القديمة. وقد اختلف الشراح حول ما يعنيه ارسطوطاليس بهذه الكلمة أهي تعني شخصاً ناقص القوة العقلية أو شخصاً ملهماً. أما في كتاب الخطابة فإنه يقول " إن الشعر شيء يوحيه الله ".

<<  <  ج: ص:  >  >>