للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد وسع في هذه النظرات السيكولوجية الارسطوطاليسية في الفن ونماها كتاب العهود الكلاسيكية المتأخرة مثل لونجينوس وهوراس ولكن الخطوة العظمى في النقد النفسي إنما حققها كولردج في " السيرة الأدبية ". فقد تناول كولردج سيكولوجية أرسطوطاليس كما عدل فيها توما الاكويني وديكارت وهوبز وهارتلي، دون أن يضيف أحدهم إليها شيئاً هاماً، وسلطها على الشعر. وما حال بين كولردج وتحقيق نقد نفسي مكتمل إلا الذي منع أرسطوطاليس نفسه من نفسه ذلك، أي عدم كفاية ما لديهم من علم نفسي كما وكيفاً. والحق أن كولردج قد حوم حول اللاوعي حين أشار إلى " انطلاقات تأملات لا ضابط لها، وقد تخلى عنها الوعي الصريح كله، لأنها قد أصبحت شيئاً مجرداً شفافاً، حين اجتازت حدود قوانا العقلية وأهدافها "، ولكنه كان قد تقدم عصره كثيراً إلى حد أعجزه عن أن يفيد من كشفه هذا. ومما سبق إليه كولردج في ميدان النقد النفسي الحديث في " السيرة الأدبية "، اقتراحه على القارئ تجارب مشابهة للتي أجراها رتشاردز في أيامنا، وتفرقته على أساس عاطفة القارئ وتأثره، بين الشعر والعلم، وفكرته القيمة الهامة عن الخيال (وقد انفق رتشاردز فيها مجلداً سماه " رأي كولردج في الخيال " ليطورها في المصطلح السيكولوجي الحديث) .

وهناك معاصر لكولردج يستحق أن يذكر في هذا الفصل وإن لم يدن منه أهمية، ذلك هو تشارلس لام، الذي لم يكن صاحب آراء نفسية منظمة، غير أن جنون أخته الباعث على الأسى، واضطراب أحواله العقلية، قد جعلاه مرهف الحس على العلاقة بين علم النفس والفن. وقد كتب في مقاله " سلامة العبقري عقلياً " خير تفرقة لدينا بين الفن والمرض العصبي وفي " السواحر والمخاوف الليلية الأخرى " قد سبق يونج إلى فكرة النماذج العليا، حيث يقول:

إن السعالى والأفاعي المتعددة الرؤوس والوحش الثلاثية الرؤوس

<<  <  ج: ص:  >  >>