للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفنان الخالق، على التحليل أن يلقي السلاح عجزاً " ٠ ما يزال جيد التذوق لقصص دستويفسكي من حيث هي آثار فنية باهرة، مهتماص كثيراً بتقديم كل ما يستطيعه في سبيل مشتملاتها، من حيث علاقتها الرمزية بمرض المؤلف ومن حيث علائقها الشكلية الخالصة.

وأما " الإيهام والحلم في غراديفا لفلهلم ينسن " فإنه تحليل أدبي خالص. ويرفض فرويد أي محاولة للكشف عن عقد ينسن وأمراضه العصبية بهذه الكلمة الموجزة " ليس ثمة مدخل ننفذ منه إلى الحياة النفسية للمؤلف "، ويكتفي بتفسير المبنى السيكولوجي والحلمي في الكتاب محللاً تقنياته الرمزية في الخلط الكلامي والخلط المكاني معمقاً في معناه مقوياً له بعامة. ويستنتج أن ينسن كان على وعي بحقائق التحليل النفسي، لا لأنه درس هذا العلم بل لأنه استكشف ذاته، فما الفنان إلا محلل نفسي من نوع آخر. والحق أن معالجة فرويد للكتاب مرهفة تبجيلية إلى درجة أنها ليست فرويدية تامة في الحقيقة وهو ينسى أو يتناسى عقدة أوديب في البطل (وفي المؤلف افتراضاً) ورمزية جنسية من الطراز الأول تتصل بإمساك الورل. ومن الواضح أن جانباً من الاحترام الذي ناله ذلك الكتاب من فرويد إنما يرجع إلى التطابق الدقيق بينه وبين النظرية النفسية، فهو إلى حد ما " يوثقها " في سنواتها الأولى (" القصاصون أعوان لنا مفيدون وشهادتهم تؤخذ بكل تقدير لأنهم يعرفون أشياء بين السماء والأرض لا تحلم بها حكمتنا الأكاديمية ") ولكن ليس ثمة من كبير ريب في أن غراديفا قصة صغيرة هزيلة سخيفة تستأه أن تكون مغمورة مهملة، وأن فرويد في إعلائه وتحليله لها، قد كتب بقلمه قصة خيراً منها.

والحق أن الباثوغرافيا؟ أو قصة المرض؟ ليس موروثاً استحدثه فرويد، وإنما هي استمرار لموروث ذي حلقات كثيرة كان يتألف في القرن التاسع عشر من تشخيصات طبية غير علمية، يستنتج فيها أحد الأطباء

<<  <  ج: ص:  >  >>