للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليشبع لهفة العالم الأدبي، أن شعر بيرون يدل على أنه كان مصاباً بحصاة المرارة، وأن بوب كان مصاباً بضغط عالٍ في الدم، ثم استمر هذا على يد النفسيين في صورة سلسلة من التشخيصات النفسانية غير العلمية. غير أن هذه النغمة كانت تتردد بين ثير من تلامذة فرويد، أكثر من ترددها عند أستاذهم، بما في ذلك بعض الثوريين منهم، فهي نغمة حديث بريل Brill؟ مثلاً؟ عن حب الشعر، وأنه ليس إلا تعبيراص عن شهوية شفوية أي " مضغاً ورضاعاً للكلمات الجميلة ".

أما العالم النفساني الوحيد الذي قصر جهده على دراسة الفن بدقة فهو أوتو رانك. وقبل أن ينشق عن فرويد، في أوائل العقد الثالث من القرن، كتب عدداً من الدراسات الأدبية القيمة المعتمدة على التحليل النفسي، وهي: " الفنان " سنة ١٩٠٧، و " أسطورة ميلاد البطل " سنة ١٩٠٩ ودراسة لقصة " لوهنغرين " سنة ١٩١٢ و " دافع الزنا بالمحرمات في الشعر والأسطورة " سنة ١٩١٢ ومقالتان إحداهما في سنة ١٩١٤ والثانية سنة ١٩٢٢ وقد نشرنا فيما بعد باسم " دون جوان وصنوه " Don Juan and the Double (١) (وأكثر هذه يمكن الحصول عليه بالإنجليزية) . ولعل أهمها جميعاً " أسطورة ميلاد البطل " فقد التقط رانك تلميحاً من فرويد بأنه يستطيع أن يجرب طريقة جالتون في خلق نموذج أعلى للميلاد الأسطوري (ويظهر أنه يجهل أن مهمة مماثلة قد أداها ألفرد نت على نحو مجزأ مشتت بدراسة حياة البطل كلها) فحقق رانك دراسةً نفسية مؤثرة في ميدان الأساطير المقارنة، هامةً جداً للأدب ولعلها النواة التي نمت من حولها دراسة


(١) موضوع " الصنو " - أو القرين - قد بحثه أتو رانك بتوسع؛ فقرن بين " الصنو " والأخيلة في المرايا والخيال الحافظة، والاعتقاد بالروح، والخوف من الموت. وقد كان " الصنو " في البدء أماناً ضد تحطم الذات أي إنكاراً لقوة الموت، ولعل النفس لم تكن في البدء إلا " صنواً " للجسد أي صورة أخرى منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>