للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعمق النزعات عند شكسبير وابتداعاً واعياً شعورياً من التفنن الرفيع ليعمق التأثيرات ويغيرها أو ليوحي بها. وبين الحين والحين تحلل الآنسة سبيرجن هذين المظرهين في هذه الازدواجية في صوره، ولكن وضع خط حاسم بينهما في المسرحيات كلها جمعاء، أو في أي صورة مفردة، قد يحتاج جهداً أعمق من جهدها.

ويحتوي كتاب " الصور عند شكسبير " عدداً من الأخطاء والنقائض الواضحة، وأكبر غلطة في منطقها، تتردد صفحة إثر صفحة في كتابها، أنها تستهين بتقدير العلاقة بين الصور وطبيعة الكاتب المسرحي أو تجربته، وتتناولها ببساطة متناهية، فإن كان لدى شكسبير من صور الركوب أكثر مما بدى مارلو، وكان لدى دكر Dakker من صور صيد السمك أكثر مما لدى ماسنغر Massinger استنتجت الآنسة سبيرجن أن شكسبير ودكر كانا من النوع الذي يكثر التجوال ويبارح البيت، ولم يكن كذلك مارلو وماسنغر. ولا يخطر لها أبداً أن صورة صيد السمك أو ركوب الخيل، ربما لم تنشأ عن الحب المتحكم للتريض، وإنما تنشأ عما قد يرمز له صيد السمك أو ركوب الخيل، كل بدوره. ولما كان شكسبير يبتهج بصور حركة الجسم السريع الرشيق، إذن كان؟ في رأيها؟ ولابد " إنساناً نشيط الجسم مثلما كان نشيط الفكر " (مع أننا لو لحظنا صور رينوار Renoir (١) العارية المعافاة الريا، وما كان مصاباً به من النقرس؛ فقد نجد ما يحدونا إلى الاستنتاج بأن شكسبير كان كسيحاً لا يرجى شفاؤه.) وبما أنه يكثر استعمال صور عن تغير الألوان الدالة في الوجه، لا تملك الآنسة سبيرجن


(١) رسام فرنسي انطباعي عاش في أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن، وتمتلئ صوره وتماثيله بالحيوية والطاقة، والضخامة أحياناً، وهو يرسم النساء عبلات كبيرات افخاذ، بارزات القوة، وبخاصة تمثاله عن " الغسالة "، ومع ذلك فإن رينوار كان منقرساً. فالقول بان شكسبير كان رشيقاً لأنه يتحد عن رشاقة الاجسام وخفتها استنتاج مضحك.

<<  <  ج: ص:  >  >>