ويستمر قائلا بعد أن يقتبس إحدى عباراتها " دعنا نتساءل باحثين: ما الذي في الكلمات يصنع شعراً من مجموعها " ثم يذهب في تحليلات لغوية مستفيضة، فيعد المرات التي استعملت فيها لفظة " فسفور " وقرائنها، ويتتبع المصادر التي استمدت منها ألفاظها، ومن تلك المصادر أساطير الفروسية وشيكسبير وسكوت والتوراة والأناشيد الدينية وغيرها، ويحلل موارد التشبيهات والاستعارات في فقرة فذة (ومنها خياطة الملابس والقانون، والأحجار الكريمة والحرب الأهلية والتجارة البحرية والجغرافيا واللاهوت التجريدي؟ الخ) وأخيراً يتتبع مختلف الاستعمالات التي ترد فيها اثنتان من أحب الكلمات إليها وهما: " قطيفة " و " أرجوان " (وفي تحليله اللفظة الثانية كشف عن جهله بأن الرومان كانوا يستعملون كلمة " أرجوان " للدلالة على النبل والشرف) . ولما راجع شعر لورا رايدنغ لحظ كيف تسيطر عليها الكلمات المنفية المسلوبة (غير محب، غير ناعم، لا حياة؟) حتى أن بعض الصفحات لتحوي خمس عشرة صورة من صور السلب، وإذن فأن " الآنسة رايدنغ هي ربة النفي التي تضع في قبضتها: ليس ولا وغير ولم ولن؟ ".
وقد يقول من يسمع هذه الأمثلة: كل ناقد يقوم يبحث مشبه لهذا، فينقب في المعجم عن معاني الكلمات الغريبة، ويحسب تردد الكلمات والقرائن، وإن بلاكمور لم يزد على أن صرح بهذا العمل وأعلنه في نقده على نحو مفضوح بينما غيره يخفيه ولا يعلنه. وهذا حق إلى حد قليل جداً. بل إذا نظرنا إلى ما حققه بلاكمور قلنا أن هذا القول ليس حقاً أبداً، ولو كان حقاً لكان ذلك خيراً للنقد وأبقى. ذلك لأن بلاكمور متفرد بين النقاد في اعتقاده أن الشاعر لا يلقي للقارئ الجاد - أو للناقد - إلا ما هو معقول وأنه غير مشتط أبداً مهما كلفه في البحث عن المعاني التي يضمنها شعره فإذا كان الناقد لا يعرف فليذهب إلى حيث يجد المعرفة