وليحاول دائماً أن يتعلم. كل شيء تستطيع أن تفهمه بعون من الأضواء الخارجية، وقلما تجد شيئاً لا تستطيع أن تسلط عليه تلك الأضواء، ولذلك يكثر بلاكمور من لفظتي " مسئولية " و " ثمن "(ثمن الاستشهاد، ثمن العظمة) مؤكداً ما يجب أن يبذله المرء من جهد وما يدفعه من ثمن. ولقد حدد في إحدى مقالاته كيف يكفل الكاتب لما يكتبه أقصى حدود المسئولية، وحدد جهد النقد مستعيراً تشبيهات من أحوال الكد البدني، فقال في ذلك المقال الذي أختار له هذا العنوان الساخر:" مضجع دمث للنقاد "؟ قال:
" على الكاتب أن يقدر أنه يؤدي أشد الأعمال النقدية مشقة وعسراً، مما يقع في حيز استطاعته، فكأنه يحاول أن يبقي نفسه في موقف المنذعر، كأنه يقف موقف من ستستطيره الشياطين؛ كأنه لن يتعود أبداً على تصريف قواه التخيلية وموارده الشعورية، ولا يحب في الوقت نفسه أن يهبط من قيمتها، ومع ذلك فعليه وهو في هذه الحال من التوقف المعلق أن يحكم ويحسم في حقيقة المهمة الموكولة إليه. بهذا المعنى يكون إنشاء قصيدة عظيمة عملا من النقد الصارم، وقراءتها عملا آخر مقارباً لذلك، وبهذا المعنى أيضاً يسمى العمل النقدي عملا خلاقاً، ويكون توسيعاً لمدى المشاركة سواء أقام به الشاعر أو الناقد أو القارئ الجاد، وعندئذ يكون جهد النقد هو ثمن العظمة، ويكون الربح في معنى الاضطلاع الذي قام به الفرد في كل أدوار هذا الجهد ".
وأكثر النقاد في أيامنا هذه يعتقدون أن حسهم النقدي ومعرفتهم أمران متساويان، فهم يقرأون القصيدة قراءة مجهدة ولكنهم لا يعتقدون أن القصيدة تتطلب منهم أن يقرأوا ما عداها، فإذا شئنا أن نقدر قيمة ما يضطلع به بلاكمور ومدى تفرده فيه فما علينا إلا أن نقارن بين جهده في نقد بعض الآثار الأدبية التي تتطلب المعرفة الواسعة وبين جهود الناقدين