للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمرثاة والهجائية والمعارضة المجونية والشعر التعليمي - ويقول في كتابه أن " الشعر الرعوي " الذي أفرده إمبسون يقع، فيما يبدو " في منطقة بين الفكاهة والمرثاة ومعه عناصر هامة من الشعر الملحمي ". وفي هذه الفقرة نفسها يكتب تعليقة في الحاشية ذات إيحاء باهر ورد فيها إن قصيدة " ليسداس " (١) ليست تدور حول أدورد كنج بل حول ملتن، في سنتي ١٦٣٨، ١٦٣٩. وفي خلال العشرين السنة التالية كرس ملتن كل جهوده للنثر الجدلي، باستثناء سوناتة عارضة.

فهذه التواريخ، إذا شفعنا بها مضمون القصيدة، قد تبرر اعتقادنا أن " ليسداس " كانت رمز موت لنفسه الشاعرة وقد تلتها فترة انتقال (أي فترة " التطرح في الأسفار ") ثم ركز نفسه على الكتابة بالنثر، وفي خلال فترة النثر أخفى " الملكة التي كان إخفاؤها أخا الموت " باستثناء تلك السوناتة التي كانت وليدة مناسبة.

ومنذ أيام الدراسة كان ملتن قد رسم لنفسه أن يكتب قصيدة واسعة المجال وتشبثت به هذه الفكرة فلم تغادره أبداً، وفي حدة اشتغاله بإصدار النشرات السياسية ظل يتلمس الموضوع المناسب (وفي إحدى الساعات صمم أن يكتب عن هبوط آدم) ؛ وفي " ليسداس " يعترف إنه يحمل نفسه الميتة معلقة وأنه لابد أن ينبعث حياً ذات يوم. وبعد مراسيم الخشوع الجنائزية التي يبثها فيما يستنفره من مواكب الأزهار يضيف هذا القفل الشعري:

" كفكفوا غرب الدموع، أيها الرعاة المحزونون، كفكفوا غرب الدموع لأن لسيداس، مبعث أساكم، لم يمت،


(١) أسم ورد عند ثيوقريطس شاعر الرعاة، وأتخذه ملتن كناية عن صديقه أدورد كنج الذي مات غرقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>