للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما السمانتيات الحديثة فان بيرك لم يطف بها إلا لماماً وقد كتب في " فلسفة الشكل الأدبي " مقالا بعنوان " المعنى السمانتي والشعري " فوضح فيه أن ميدان السمانتيات قاحل لا يحتوي على مصطلح " توفيقي ". ويرى بيرك أن مثله الأعلى كالمثل الأعلى عند السمانتيين هو " تطهير الحرب " ولكنه يحقق هذه الغاية بالتفتيش عن " مصطلحات تفصح عن المواقف التي قد ينشأ عندها الغموض " لا بتقصي المصطلحات التي تتجنب الغموض كما يفعلون هم. وقد قال في " نحو الدوافع " - وهو كتاب كتب في سنوات الحرب -:

وهكذا قد يتوجه فكر المرء نحو " تطهير الحرب " لا من أجل أن تستأصل الحرب من كل نظام تكمن فيه الدوافع نحو العراك - كما هو حال نظام الإنسان نفسه - بل من أجل أن ترهف الحرب إلى حد أن تصبح سلاماً، هو السلام الحق لا ما نسميه اليوم سلاماً.

ويستمد بيرك أيضاً عدداً من المبادئ والاستطلاعات من مدرستين سمانتيتين هما مدرسة كورزبسكي وأتباعه ومدرسة كرناب وموريس وإن لم يسلم لعلماء هاتين المدرستين بكل آرائهم. غير إنه إذا أستمد من أوغدن ورتشاردز أخذ آراءهما بكل تسليم، وعلى النقيض من ذلك موقفه من ثورمان آرنولد وستوارت تشيز فإنه يهاجمهما بعنف ويأبى أن يسلم لهما برأي. اللهم إلا مرة واحدة أثنى فيها على ثورمان لتفرقته بين " الحكومة السياسية " و " حكومة العمل ".

وفي الأيام الأخيرة أضاف بيرك إلى هذا " المركب " المؤلف من العلوم الاجتماعية والنفسية واللغوية والسمانتية وبعض العلم الطبيعي والبيولوجي - أضاف شيئاً من الفلسفات واللاهوتيات. وقد كان في البدء بعيداً عن نطاق الفلسفة حتى إنه يستعمل صور " المساومة " في " نحو الدوافع " أثناء

<<  <  ج: ص:  >  >>