للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديثه عن الفلاسفة فيقول: " هذه نقطة تستحق المساومة فيها والمماكسة إن شئت أن تساوم أو تماكس لأنك إن مررت بها عابراً دون أن تثير التساؤل من حولها فإنك تتيح لكانت فرصة كبيرة ". ويبدو إن بيرك " أصفق " في هذه المساومة أخيراً وتنازل عن تأبيه وأخذ يستمد كثيراً من توما الإكويني وأوغسطين ومن عدد آخر من القديسين ومن الفلاسفة ابتداء من أفلاطون وأرسطو حتى ني تشه وبرغسون وسانتيانا وكون لنفسه فلسفة ميتافيزيقية، حددها بمصطلح وضعي كان من قبل ينكره. كما أخذ لنفسه نوعاً من اللاهوت استغل فيه المصطلحات التي تدور حول الألوهية لا حول الآلهة لأن الآلهة في رأيه " أسماء للدوافع أو لمجموعات من الدوافع " يشترك فيها جماعة من الناس ولكل إنسان أن يعبد الله " حسب المجاز الذي يناسبه " وفي الجملة فإن بيرك قد أتخذ آلهته من المجازات والاصطلاحات والكلمات، حتى إنه حين يشير إلى الكتاب لمقدس فإنه يعني " المعجم ".

وهناك فكرة واحدة حقق فيها بيرك التكامل التام من بين هذه الاتجاهات جميعاً وتلك هي فكرته في " المسرحة " وهي ناجمة من كل أثر سابق ومن كل الأساليب والطرق التي نشبت فيها من قبل. وقد كتب في " المصطلحات الخمسة الكبرى " يقول إن " المسرحة " اصطلاح ليس من وضعنا وكل ما ندعيه لأنفسنا إننا نظرنا إلى المسألة بشيء من الاستغراب أكثر من ذي قبل حتى طلع التأمل ببعض الثمرات. وبدلا من أن نقول " الحياة رواية مسرحها هذا الكون " ونمضي عن هذا القول عابرين وقفنا عنده نتأمله طويلا، تأملا شاقا مضنياً ". وإن من يقرأ كتب بيرك بالترتيب يجد فكرة " المسرحة " قد تطورت عنده بالتدريج، من مبادئ معينة، إذ بدأ بيرك يرى إن هناك انقساماً دائماً في المبادئ المتناقضة ثم أخذ بالفكرة التي ترى إن النزعات " أعمال "

<<  <  ج: ص:  >  >>