للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولية، ثم إلى القول بالديالكتيك في جميع مراحل التأليف عنده وأحياناً كان بيرك يسوي بين هذه جميعاً ولكنك إن نظرت إليها بالترتيب وجدت فيها تطوراً وتعميقاً ينتهي بالمسرحة. وقد تعد هذه المسرحة - إلى حد ما - الديالكتيك المثالي عند كولردج وهجل، ولكنك إن أبعدت في فهمها وجدتها هي الديالكتيك العقلي عند " سيجموند فرويد ذلك الديالكتيكي المحدث العظيم " (تذكر أن بيرك قال في موضع آخر إن فرويد ليس ديالكتيكياً بالمعنى الصحيح) فإذا جمع بيرك بيم ماركس وفرويد تجاوز حدود الديالكتيك إلى ما يسميه هو المسرحة، وهو يحاول التوحيد بين ماركس وفرويد والجمع بينهما تحت شعار واحد وهو نظرية الدراما لأن فرويد يقدم لنا مادة المسرحية الفردية وماركس يقدم لنا مادة المسرحية القائمة على المشكلة الكبرى والأولى يتمثل فيها الصراع الفردي والثانية يتمثل فيها الصراع الجماعي. وإذا أمعنت النظر كرة أخرى وجدت مسرحة بيرك هي الديالكتيك السقراطي أي شفف سقراط بالتعريفات في محاوراته وذلك هو أيضاً ما ورثه أرسطوطاليس من أستاذه.

وإذا نظرنا من الزاوية الفلسفية وجدنا مسرحة بيرك مشتقة كلها من أرسطوطاليس ومن الواقعية الأرسطوطاليسية التي تتجلى عند مفكرين مثل توما الأكويني في نظرياتهم عن " العمل " (١) . أما في المصطلح الأدبي فيبدو إنه متأثر بمقدمات هنري جيمس وقد أطلع عليها بيرك في دور مبكر حتى


(١) هناك كاتب فذ متقن البحث من تأليف سكوت بوخاتان عنوانه " الشعر والرياضيات " ١٩٢٩ ولعل لهذا الكتاب أثراً في توجه بيرك نحو فكرة " المسرحة " وإذا كان بيرك قد أطلع على هذا الكتاب فإنه استوحى منه بعض المجازات من مثل: الإنسان آلة - الإنسان حيوان الخ؟ ذلك لأن الكتاب المذكور معالجة للأدب التخيلي من خلال المجازات الرياضية ومعالجة للرياضيات والعلوم من حيث هي تعبير عصري يشبه الدراما التراجيدية اليونانية في عصرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>