للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأدبي " فوصف البناء الاقتصادي بأنه مهين يدفعنا إلى عمل أمور مهينة. وجعله تشاؤمه يرى إننا مقبلون على " فصل سياسي عابس مكفهر " وإنه لا ينقذنا منه إلا الدعوة إلى التكامل الذاتي. ثم تخف مرارة هذه النظرة الاجتماعية في كتاب " نحو الدوافع " ويقل فيها التشاؤم ولكنه لا يزال يعادي الاتجاه نحو الآلة والمستوى العالي من العيش (١) ، والمصاعب الهائلة التي يقع الناس تحت وطأتها من أجل الحصول على فوائد تقنولوجية ولا يقول ثمة أن النظام الصناعي والدافع المالي " مهينان " بل يقول إنهما " اليمان قاسيان " ويستشف أملاً ما حين يقول:

حين يسيطر على سياسة المجتمع الكذابون والأغبياء والجشعون فإن فلسفات التقشف المادي قد تبعث في نفوسنا بعض العزاء لأنها تذكرنا أن تلك المواد عينها التي تتكون منها مدينتنا أو التي نبتت مدينتنا فيها لن نسمح للكذب والغباء والجشع أن تسيطر على النفوس حين يسيطر بعض الناس أن وجدوا إلى ذلك سبيلا.

ويقترح بيرك في النهاية أن يأخذ الناس بشيء من " الزهد الرواقي " لأن الناس لن يقفوا عن تطوير التقنولوجيا سواء أكان ذلك لخيرهم أو لشرهم.

وفي هذه النزعة نغمتان افترقتا بعد زمن. الأولى رفض الآلة والتقنولوجيا والتصنيع في كل مجتمع، ويقاوم بيرك هذه الأمور بالتقليل من " شد الأحزمة " والتقليل من الحركة والتكثير من العمل وتكييف الكفاءات مع حال البيئة. وهذا هو أشد آرائه رجعية ويشاركه فيه أمثال


(١) نشر بيرك مقالا سنة ١٩٤٧ بعنوان " الطريقة الأميركية " فوصف الحضارة الأميركية بأنها مشتقة من ذلك المبدأ التعميمي " المستوى العالي من العيش " الذي أنتج مبادئ فلسفية وجمالية تعبيراً عنه أو رد فعل له.

<<  <  ج: ص:  >  >>