للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثورو وأتباع جفرسون وهذا ما دعا هنري بمفورد باركس أن يقول " كم كا يتمنى لو عاش في الصين في أيام كونفوشيوس " وهذه النغمة في أقصى الطرفين تمثل كرهاً للعلم نفسه، وصدق المراجع الذي قال إن بيرك، كالعجائز في مجتمع يكره التشريح، ينزع إلى أن يرى العلماء التجريبيين " ساديين يتلذذون بتعذيب الفيران ". أما الطرف الثاني فإنه قد يجد خيراً في التقنولوجيا بل يدافع عنها ضد عالم آثار اسمه كدر في مقالة له عنوانها " طابع حضارتنا " واجداً أن القيم الحقة فيها - وإن كانت سلبية - تخفف من فساد المحاصيل والأوبئة والكوارث الطبيعية الأخرى وفي الوسط بين الطرفين يعيش هو - جاعلا من حياته مثلا - جامعاً بين البسيط والبطيء والحياة الزراعية والتقنولوجيا اللازمة له من عربة وقطار ونفق لتوصله إلى المكتبة العامة في نيويورك.

أما النغمة الأخرى في نزعته الاجتماعية فليست هي اعتراضه على التصنيع في ذاته بل على مظاهر معينة في النظام الرأسمالي. فهو في " الثبات والتغير " يؤمن بالشيوعية ويقترح مادية ديالكتيكية معدلة تسمى " بيولوجيا ديالكتيكية " وحياة " شاعرية " منهجية تتحقق من خلال المجتمع الشيعي ومن وراء فاقه وهو يقول: إن الشيوعية " هي الحركة الوحيدة المنظمة المنسجمة التي تعمد لإخضاع العبقرية التقنولوجية للغايات الانسانية " وهي تستقطب كل الكلمات التي تبدأ بحرف " C " مثل: Co - operation، Communication، Communion، Collectivism، Communicant. ويستكشف في " نزعات نحو التاريخ " أن الجماعية أمر لا معدى عنه ولكنه يقترح الشيوعية الجماعية مضيفاً إليها بعض التحسينات " الهزلية " ثم تبدى في مقال " الحياة الطيبة " أن مثله الاجتماعي الأعلى هو العالم الكونفوشي. وظل يشير من بعد باستحسان إلى المادية الديالكتيكية ولكنه ابتعد عنها كثيراً في كتبه الأخيرة ولم يعد يسمي مثله الاجتماعي الأعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>