للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتغلب عليه مع الزمن. وأخيراً يبدو أن أسلوب بيرك مبني على التكرار الكثير كان يقرر الشيء نفسه ثلاث مرات مستعملاً وجهاً من المجاز في كل مرة، بدلا من ان يقرر الشيء مرة واحدة وينتهي منه. وهو يمزج بين المجازات بخبث ومكر.

ومن المظاهر البارزة في أسلوب بيرك اعتماده الكثير على النادرة والتورية والتلاعب اللفظي غير أن نوادره الموفقة رائعة لأنها تحتوي فكاهة ساخرة لاذعة. وللتورية مكانة أهم في كتاباته، فهو يضع فيها لب ما يريد أن يقوله وتوريات بيرك مثل توريات شيكسبير مجازات خاطفة أو تعقيدات إمبسونية أو منظورات من خلال التباين يقويها بشغفه في الاشتقاق ومعرفته بدلالات اللغة في المقامات المختلفة بما في ذلك دلالتها في المقام السيكولوجي.

ومظهر آخر في أسلوب بيرك زاد اهتمامه به في الكتب الأخيرة، وذلك هو عدم تورعه عن استعمال الألفاظ المكشوفة والفحش. فهو يرى ضرورة المهادنة بين " التراب " و " السماد " ويسمي إنتاج فرويد " تفسيراً للبراز " ويسمي الرواقية " استعلاء فوق الغائط " ويقول في رواية إليوت " حادثة قتل في الكاتدرائية " أنها " معبد فوق مرحاض " وفي كتاب " نحو الدوافع " يفسر ما يسميه " الثالوث الشيطاني " أي العلاقة بين المنوي والبولي والبرازي (١) .

٥ - ما هي حصيلة إنتاج بيرك؟ يبدو أنه إنتاج مشعث مترام الأطراف لا يدور حول مركز ولكنه خصب شديد الإيحاء واري الزناد والدليل على هذا انك تستطيع أن تحول كلام بيرك إلى أمثال سائرة مثل قوله: أميركة بلد يتمت فيه الموت بسمعة سيئة - انك لم تقارف


(١) لقد استطيع ان أجد هنا تفسيراً آخر لاهتمام بيرك بالمواد السينمائية والإذاعية وما ينشر في الصحف - استطيع ان أقول انها مظهر آخر من مظاهر هذا الشغف بالنواحي المفحشة المكشوفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>