للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يرتبط بنظرية أدلر القائلة بأن الفنان ضحية للشعور بالنقص، وما إلى ذلك من نظريات التحليل النفسي. ومما لا شك فيه أن كلا من هذه الآراء ينظري على شيء من الحقيقة، ولكنها ليست الحقيقة كاملة. فالذي عجز أنصار هذه النظرية عن تعليله؟ وعليهم أن يعللوه حتى تغدو هذه النظرية ذات فائدة ملموسة للنقد الأدبي؟ هو: لماذا لم يصبح سوى عدد ضئيل من الشخصيات المريضة والعصابية والإنطوائية والشاعرة بالنقص فنانين؟ وبمعنى آخر، لماذا يتلقى القوس والجرح في بعض الحالات فقط، ولماذا في تلك الحالات بعينها، ولماذا هذا القوس بالذات (١) .

وفضلا عن الناحية التشخيصية في نظرية الجرح والقوس، فإن صياغتها الخاصة في أسطورة فليوكتيتس جديرة بالبحث (٢) . وقد نوه كنث بيرك، في إحدى مقالاته التي نشرها قبل صدور كتاب " الجرح والقوس " بفائدة


(١) لعل من أحسن ما كتب حول هذه النظرية، ورد في مقال و. هـ؟؟. اودن " علم النفس أو الفن في ايامنا هذه "، في مجموعة جيوفري جرجسون " الفنون في أيامنا " The Arts Today (١٩٣٥) . إلا أنه عجز عن الرد على هذه الأسئلة بطريقة مقنعة. وقد بحثت مشكلة الفن والعصاب، ونظرية ولسن الخاصة عن الجرح والقوس بحثا مستفيضا في جدل احتدم بين الدكتور شاؤول روزنتسفايج وليونل ترلنج، في مجلة البارتزان (عدد الخريف من سنة ١٩٤٤، والشتاء من سنة ١٩٤٥) ثم ردت إلى مكانها الطبيعي في مجال النقد القائم على التحليل النفسي، في مقال كتبه جورهام ديفز في عدد الصيف من سنة ١٩٤٥.
(٢) لخص ولسن قصة فيلوكتيتس على الوجه التالي:
سلم أبولو قوسا لا تخطئ لنصف الإله هرقل. وعندما أصيب بالتسمم من رداء ديانيرا أزمع أن يحرق نفسه على جبل ايتا، وكان قد أغرق فيلوكتيتس بإشعال النار فيه، لقاء توريثه سلاحه مكافأة له. وهكذا كان فيلوكتيتس مدججا بسلاح لا يفل، عندما أبحر فيما بعد من اغاممنون ومينالوس لمحاربة طروادة. وكان عليهم أن يهبطوا في طريقهم، على جزيرة خرايسه الصغيرة ويقدموا الضحايا لآلهتها. وكان فيلوكتيتس أول من اقترب من المزار فلدغته أفعى في قدمه. وكان سم الأفعى فتاكا، وقد حالت أناته بينه وبين تقديم الضحية التي تفسدها الأصوات المشؤومة. وبدأت تفوح من اجرح رائحة نتنة حتى إن أصحابه لم يستطيعوا البقاء إلى جانبه. ونقلوه إلى جزيرة لمنوس المجاورة، وهي أكبر حجما من جزيرة خرايسه، وكانت مأهولة بالسكان. ثم أقلعوا نحو طروادة دونه.
ومكث فيلوكتيتس هناك عشر سنوات ولم يندمل الجرح العجيب. وفي تلك الأثناء كان الإغريق في طروادة، في حالة ضيق شديد بعد مقتل اخيل واياس، وبعد أن أذهلهم تصريح عرافهم بأنه لم يعد قادرا على غسداء النصح لهم. فلجأوا إلى اختطاف عراف الطرواديين وحملوه على أن يكشف لهم الحجب عن المستقبل، فأخبرهم بأنهم لن يكسبوا المعركة ما لم يستدعوا نيوبطليموس ابن اخيلن ويضعوا في يده سلاح أبيه، ويحضروا فيلوكتيتس وقوسه. وقد نفذوا ما أشار به عليهم. وشفي فيلوكتيتس في طروادة على يد ابن الطبيب اسكليبيوس وبارز باريس فقتله. وقد غدا فيلوكتيتس ونيوبطليموس بطلي طروادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>