كان ما يزال يعتقد بأن الحكومة السوفييتية " أفضل من حكومة القيصرية ". وفي " إلى محطة فنلندة "(١٩٤٠) أصبحت الحكومة السوفييتية تجمع " بين مجازر عهد الإرهاب الروبسبيري وفساد حكومة الإدارة ورجعيتها "(١) كما أن " استبداد ستالين "" استأصل الماركسية الروسية من جذورها ". ومنذ ذلك الحين انقلبت كراهيته لستالين والشيوعية والاتحاد السوفييتي إلى نوع من الهوس، وأصبحت التعريضات المرة الجامحة بكل هؤلاء تظهر في أغلب ما يختطه قلمه.
وقد أقام ولسن كتاباته بصفة رئيسية على نظريتين في الفن، هذا إلى جانب الفروض العامة في النقد الاجتماعي والنفسي، وضرورة " الترجمة ". أما النظرية الأولى، وهي أكثرهما أهمية، فقد عبر عنها في استعارة فيلوكتيتس، الجرح والقوس. وفحواها أن الموهبة الفنية، تعويض عن نوع من أنواع العجز البغيض. والرأي الذي يقول بأن الفنان يعبر بطبيعة الحال، عن الأشياء التي تعينه أكثر من غيرها، أو عن آلامه، أو أن الفن وليد الألم، كل ذلك يعتبر من الأفكار المعادة المكرورة في مجال التفكير النقدي. أما التعبير الصريح المباشر عن هذه الفكرة، بالقول إن الفن ليس إلا صورة من صور المرض أو تعويضا عنه، فإن مصدره الرئيسي المعاصر هما الكاتبان مان وجيد، ويدو أن كلا منهما استمد الفكرة من شوبنهاور عن طريق نيتشه. وعندما تعرض جيد لهذه الفكرة، في كتابه عن دستويفسكي، عزاها إلى النظرية التي يقول بها لمبروزو، ومؤداها أن العبقرية نوع من أنواع العصاب. ويبدو أن هذا المفهوم يرتبط أيضاً بنظرية فرويد القائلة بأن الفنان شخصية فجة، لا يتخلى فيها مبدأ اللذة الطفولية عن مكانه لمبدأ التفكير الواقعي الذي يرتبط بسن النضج، كما
(١) إشارة إلى ما حدث في الثورة الفرنسية من إرهاب على يدي روبسبير ومن فساد أثناء حكم حكومة الإدارة.