للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي حمأة هذه المقارنات والفتاوى والتقديرات والمقامات المصطنعة يتشبث ونترز بمبدأ لا يحيد عنه هو " المبدأ الخلقي "؛ كتب يقول: " إن الفن أخلاقي ولا بد من أن يكون النقد مثله ضوروة " أما ماذا يعني بقوله " أخلاقي " على وجه الدقة فأمر بعيد التعقيد والتناقض، وسنعرض له بالشرح المسهب من بعد، ولكن يكفي أن نورد هنا قطعة حسنة الدلالة، وردت في كتابه " تشريح الهراء " لتوضح؟ على الأقل؟ بعض المعنى لكيفية ما يعده هو تقويما أخلاقيا في الفن؛ يقول:

" أرى أن العملية الفنية عملية تقويم أخلاقي للتجربة الإنسانية بواسطة تقنية تجعل من الممكن إجراء تقويم أدق من سواه. فالشاعر يجرب أن يفهم تجربته بمصطلحات عقلية ليعبر عن فهمه ويعبر؟ في الوقت نفسه؟ بطريق المشاعر التي نسبغها على الألفاظ، عن نوع الشعور ومقداره، أعني الشعور الذي يجب أن يثيره ذلك الفهم إثارة صحيحة. وتختلف النتيجة الفنية عن أي تجربة فجة فيما تتمتع به من إرهاف في الحكم: وهذا الفرق كبير المقدار في الفن الجيد، ولكنه فرق في المقدار لا في النوع ".

ومن هذا الرأي عن الطبيعة الأخلاقية للفن والنقد يفهم ضمنا أن الناقد مفروض عليه أن " يصحح " الرأي التقليدي ما دام يعتقد أنه خطأ. ولا ريب في أن هذا العبء الخلقي المضني هو المسئول عن تطرف كثير من تقويمات ونترز، فإن محاولته في كتابه " لعنة مول " أن يضع جونز فري في مرتبة أعلى من إمرسون في كل شيء (١) ؟ وهي


(١) الرأي التقليدي أن امرسون على جونز فري فحاول ونترز أن " يصحح " هذا الرأي، يتقديم الثاني على الأول وربما أعجبه أن فري (١٨١٣ - ١٨٨٠) كان ينحو في شعره وتآليفه منحى دينيا صوفيا. وفري هذا ساعده امرسون على الظهور ثم اتهم في قواه العقلية وأدخل المارستان المخصص للمجانين.

<<  <  ج: ص:  >  >>