لم يكن موقف عبد الحميد إلا نموذجا واحدا من اعتماد الرسالة الأدبية على المادة اليونانية إلا أنه نموذج هام لسببين: أولهما حدوثه في دور مبكر من تاريخ الكتابة العربية، وثانيهما أنه يمثل تأثرا مباشرا لا محض تأثر مستمد من العيش في جو ثقافي عام، كما قد يحدث في العصور التالية، وحين نفرض أنه ليس المثل الوحيد، فإننا نرجو أن نعالج استمراره؟ في القالب الرسائلي - في غير هذا الموضع، ولكن حسبنا الآن ونحن نعرض نماذج من التأثر أن ننقل إلى صورة أخرى، تعتمد المحاكاة وسيلة لها، والمحاكاة في العادة لا تكون ظاهرة مرموقة إلا لقوة الأنموذج وتميزه. وتقف قصة الاسكندر في جوانب مختلفة منها نموذجا قويا يصلح للمحاكاة وخاصة لدى أبي سليمان المنطقي وتلامذته وأصحابه، وربما كانت ثمة قصص أخرى تفرض نفسها بقوة الأنموذج ولكنها لم تجد ناقلا شغوفا بالنقل عامة، وبقل الحكمة والفلسفة بخاصة، مثل التوحيدي. ونقف من هذه القصة عند نموذجين:
١ - أولهما قول الأسكندر وقد سئل: أيهما أحب اليك أبوك أو معلمك؟ فقال: معلمي؟ يعني ارطاطاليس - لأن والدي كان سبب كوني القريب وارسطاطاليس كان سبب تجويد كوني (١) . وفي رواية أخرى، قيل له إنك تعظم معلمك أكثر من تعظيمك