للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن عناصر الشبه بين هذه الحكاية وقصة " قمر الزمان وزوجة الجواهري " في ألف ليلة وليلة كثيرة لافتة للنظر، لا في الحبكة القصصية وحسب، بل في عدة مواقف أخرى منها منظر الوداع، ونهب أموال الجوهري، والمساعدة التي قام بها الوسيط، وتقديم العبد هدية في الحالين..

(٢) قصة السندباد في رحلاته السبع: (وان لم تكن في الأصل من ألف ليلة وليلة) يكاد كل عنصر أسطوري فيها أن يجد ما يوازيه في أدب الشرق والمغرب، وفيها عناصر تشبه بعض ما في حكايات الاسكندر، وعناصر تشبه بعض المواقف في قصة عولس (Ulysses) وغيرهما (١) .

(٣) ثمة ما لا يقل عن ثماني قصص (أو مقاطع كبيرة من قصص) في ألف ليلة وليلة يتردد فيها نموذج الحكاية اليونانية (٢) .

هذا هو؟ بإيجاز شديد - ما يراه غرونباوم، وقد أقر أنه ليست لدينا أية شهادة وثائقية تثبت اخذ مادة ألف ليلة أو بعض تلك المادة أخذا مباشرا عن التراث اليوناني (٣) ، ولهذا لجأ قرائن ومقايسات، عن الأخذ في مجالات أخرى مثل بعض صور البيان، والمفاضلة بين الطبع والتكلف، والاشتراك في رثاء الحيوان؟ الخ: وفي ظني أن ذلك كله لا يقدم مقنعا. فكل ما ساقه من أمثلة واقع؟ إن صح الأخذ فيه؟ ضمن عصر الترجمة، وليس الأمر في ألف ليلة وليلة كذلك، فنحن حتى اليوم لا نستطيع أن نجيب على أسئلة كثيرة تتعلق بهذه القصص: متى كتبت؟ وفي أي قطر؟ وكل الدلائل تشير إلى أن ما بين أيدينا يمثل تدوينا متأخرا في الزمن، فإذا وجدت في النص المدون آثار هندية أو فارسية، فذلك يشير إلى الأصل لتلك القصص، فأذن متى وكيف تسربت إليها المؤثرات اليونانية؟ إذا سلمنا بإمكان تسرب تلك المؤثرات فلا بد من ان نفترض أن كثيرا من أصول تلك القصص كان أدبا شفويا يتردد في أرجاء


(١) Medieval Islam، pp. ٢٩٦ - ٩٧.
(٢) المصدر السابق: ٣٠٧ وانظر المقالة: ٢٨٢ وما بعدها.
(٣) انظر مقالة غرونباوم: ٢٩٠.

<<  <   >  >>