للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

" أصلم "؟ أي مقطوع الأذنين - كما أن اسمه قد يدل على ما لحق به من ظلم حين قطعت أذناه (١) ، وحين يذكر الثعلب أو الحمار في هذا المثل فإن ذلك لا يقصد إلى تعليل خاصة فيزيولوجية ثابتة وإنما يشير إلى حادثة بعينها. أما أين ذهب ذلك الحيوان، فأمر تتجاهله الرواية العبرية والعربية بينا تنص عليه الروايتان السومرية واليونانية، فهو في الأولى قد ذهب إلى إنليل وفي الثانية إلى زوس (Zeus) . ويبدو أن نقله إلى خرافات إيسوب قد تم عن السومرية والعبرية، بعد أن أجري التحوير الضروري المطلوب عليه، ولكن من الصعب أن نجد تفسيرا لتغيير الثعلب السومري وجعله جملا في خرافات العبرانيين واليونانيين، إلا أن يكون صغر أذني الجمل بالنسبة لجسمه هو السبب في ذلك.

وترد الخرافة في كليلة ودمنة عن الحمار (٢) ، وهي هناك حافلة بتفصيلات لا نجدها في أية رواية من الروايات الأخرى سواء أكانت سومرية أو يونانية أو عربية. ويدخل فيها عنصر الأيل الذي رآه الحمار وهو يشرب فأعجب بقرونه وأحب أن يكون له مثلها، وظل يتحين الفرصة حتى ذهب إلى الدار التي يعيش فيها الأيل، وخاطبه فلم يستطع أن يفهم لغة الحمير، وضاق صاحب الأيل به ذرعا فضربه، فارتد إليه الحمار فكدمه، فعندئذ عمد الأيل إلى أذني الحمار فجدعهما. وأغلب الظن أن الأيل هنا تحريف عن " انليل "، والا فليس في المألوف أن يكون الأيل مما يدجن ويأخذه صاحبه إلى الماء ليسقيه. وربما كان حلول الحمار محل الظليم؟ أو النعامة - في الشعر العربي من تأثير كليلة ودمنة، إذ نجد الإشارة إلى ذلك في شعر محدث، فقد نسب إلى بشار قوله:

فصرت كالعير غدا طالبا ... (٣) قرنا فلم يرجع بأذنين ومثله قول الآخر:

ذهب الحمار ليستعير لنفسه ... قرنا فآب وما له أذنان وقول ثالث:


(١) الحيوان ٤: ٣٢٣ - ٣٢٤، والدميري ٢: ٣١٠.
(٢) ابن المقفع: كليلة ودمنة: ٢٣٢.
(٣) انظر التمثيل والمحاضرة: ٣٤٤.

<<  <   >  >>