للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أين هي رسائل ارسطاطاليس إلى الاسكندر التي نقلها سالم أو نقلت له؟ إن ضياع معظم آثار سالم الأصيلة أو المنقولة يجعلنا نتوقف دون القطع بأن الصورة التي وصلتنا من هذه الرسائل هي عينها التي عرفها سالم. نعم هناك ثلاث مخطوطات تحتوي على هذه الرسائل (١) ، عدا ما هو موجود منها منفردا، وقد قام الأستاذ ماريو غرنياسكي بدراسة هذه المخطوطات على نحو دقيق في مقالتين كبيرتين (٢) ، حاول فيهما أن يثبت أن قسما من تلك الرسائل كان ولا بد من عمل سالم، وأتى على ذلك بأدلة من خلال فحصه للنصوص ومقارنته لهذه الرسائل بأصول يونانية، ومن أدلته تلك أن الرسائل تشير إلى جو الدولة الأموية، ولا تعرف كثيرا مما طرأ من تغير بعد نشوة الدولة العباسية، فالكاتب يتحدث كثيرا عن الموالي والعبيد، وإذا ذكر نظام الجيش تحدث عن الصفوف ولم يذكر الكراديس إلا عند الحديث عن الترك، وهو يصور الترك عدوا مخوف الجانب، كما كانوا في الدولة الأموية، وأن الخراسانيين شعب محارب " إذا مالوا إلى مقاتلة ثبتوا فيها وإذا رغبوا في أحد أحبوه وطال شكرهم له " ولكنه لا يذكر أبدا أنهم عماد جيش الدولة، كما أصبح حالهم أيام العباسيين، ثم إن المسؤول عن هذه الرسائل كان ذا مكانة عالية في الدولة، وتلك هي حال سالم الذي كان أثيرا عند هشام حتى إنه كان يقرأ عليه ما يرد من كتب ولا يدخل عليه منها إلا ما يسره (٣) ، إلى غير ذلك من أدلة (٤) ، هي أشبه بالتلمس الذي لا يبلغ اليقين أو يشارفها، ثم كأن هذه الأدلة تفترض أن سالما كان مؤلفا لتلك الرسائل، فإن لم يكن كذلك فإنه حور في الأصل كثيرا حتى يتناسب ومفهوماته عن الدولة ونظم الحرب وأحوال الأمم، ومع أن شيئا من التحوير قد يتم في مثل هذه الحال فإنه لا يمكن أن يبلغ الدرجة التي تصورها أدلة الأستاذ


(١) هي مخطوطة آيا صوفيا رقم ٤٢٦٠ ومخطوطة الفاتح رقم ٥٣٢٣ ومخطوطة كوبريللي رقم ١٦٠٨.
(٢) Mario Grignaschi: Le Roman Epistolaire Classique Conserve dans la Version Arabe de Salim Abu - l - Ala، Le Museon ٨٠، ١٩٦٧ pp. ٢١١ - ٢٦٤، idem: Les Rasail Aristatalisa ila - l - Iskander de Salim Abu - l - Ala، Bulletin d'Etudes Orentles، Tome XIX، ١٩٦٥ - ٦٦ pp. ٧ - ٨٨.
(٣) الكندي: كتاب الولاة والقضاة: ٨٠.
(٤) هي منشورة في المقالين، وانظر بخاصة المقالة الأولى ص: ٢٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>