للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى الإشارة والإيماء بمن أباده الحدثان من ملوك الزمان، وقد نسق ذكرهم على توالي أزمانهم؟ واقتفى أبو محمد أثر فحول القدماء من ضربهم الأمثال في التأبين والرثاء بالملوك الأعزة وبالوصول الممتنعة في قلل الجبال والأسود الخادرة في الغياض وبالنسور والعقبان والحيات في طول الأعمار وغير ذلك مما هو في أشعارهم موجود، فأما المحدثون فهم إلى غير ذلك أميل، وربما جروا أيضا على السنن الأولى " (١) . والحق أيضا أن هذه الطريقة قد جرى عليها المعري في نثره وشعره حين كان يرثي أو يعزي، وما رسالته إلى أبي علي بن أبي الرجال يعزيه في ولده أبي الأزهر إلا من هذا النسق؛ ومن أمثلة هذه الطريقة في شعر ابن عبدون:

سلني عن الدهر تسأل غير إمعة ... فألق سمعك واستجمع لأيرادي

نعم هو الدهر ما أبقت غوائله ... على جديس ةلا طسم ولا عاد

ألقت عصاها بنادي مأرب ورمت ... بآل مامة من بيضاء سنداد

وأسلمت للمنايا آل مسلمة ... وعبدت للرزايا آل عباد ومن هذا الضرب قصيدته المشهورة المعروفة بالبسامة وهي التي قالها في رثاء بني الأفطس وسرد فيها مصارع المشهورين من الماضين فقال (٢) :

هوت بدار أوفلت طائله ... وكان عضبا على الأملاك ذا أثر

واسترجعت من بني ساسان ما وهبت ... ولم تدع لبني يونان من أثر

واتبعت أختها طمسا وعاد على ... عاد وجرهم منها ناقص المدر

وما أقالت ذوي الهيئات من يمن ... ولا أجارت ذوي الغايات من مضر


(١) الذخيرة ١⁄٢: ٣١٥.
(٢) الذخيرة - القسم الثاني (المخطوط) : ٢٨٦.

<<  <   >  >>