للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

" حديثا جنسيا " عن طبيعة الرضى الذي يجده إذا هو قرأ القرآن، ثم انحاؤه على نفسه باللائمة، وانثناؤه إلى مجال الأخلاق وكراهية الثرثارين.

وقد بكى ابن حمديس الصقلي أم ولد له تسمى جوهرة، غرقت في البحر، فتغزل كثيرا بجمالها (١) :

أيا رشاقة غصن البان ما هصرك ... ويا تألف نظم الشمل من نثرك

ويا شؤوني وشأني كله عجب ... فضي يواقيت دمعي واحبسي دررك

ما خلت قلبي وتبريحي يقلبه ... إلا جناح قطاة في اعتقال شرك

لا صبر عنك وكيف الصبر عنك وقد ... طواك عن عيني الموج الذي نشرك

هلا وروضة ذاك الحسن ناضرة ... لا تلحظ العين فيها ذابلا زهرك ويقول الشاعر مخاطبا البحر:

هلا نظرت إلى تفتير مقلتها ... إني لأعجب منه كيف ما سحرك ولم يكن ابن حمديس على " جوهرة " حزنا عارضا، بل عاد إليه غير مرة، مما قد يدل على عمق أثر ذلك الفقد في نفسه.

وأشد الثلاثة حزنا وتفجعا هو الأعمى التطيلي وأول قصيدته (٢) :

ونبئت ذاك الوجه غيره البلى ... على قرب عهد بالطلاقة والبشر ويمتاز في هذه القصيدة إلى جانب الصدق الواري في عاطغته بأنه شديد التمثل بما يريد أن يقوله، بارع في استقصاء كثير من معاني الحزن الخفية:


(١) ديوان ابن حمديس: ٢١٢.
(٢) ديوان ابن حمديس: ٢١٢.

<<  <   >  >>