للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢ - الاتجاه الفلسفي

مر الاتجاه الفلسفي حتى هذا العصر في ثلاث مراحل: مرحلة إنكاره ومقاومته ووقوف الشعر ضده؟ كما صورت ذلك في كتاب سابق - ومرحلة التملح بالآراء الفلسفية، بالإيماء إليها في الشعر أو نظمها شعرا، وذلك ما يمثله ابن حزم في مثل قوله (١) :

إذا ما وجدنا الشيء علة نفسه ... فذاك وجود ليس يفنى على الأبد ومثل قوله (٢) :

ترى كل ضد به قائما ... فكيف تحد اختلاف المعاني

فيا أيها الجسم لا ذا جهات ... ويا عرضا ثابتا غير فان

نقضت علينا وجوه الكلام ... فما هو مذ لحت بالمستبان ولكن ابن حزم لم يستطع أن يصهر النظرات الفلسفية في شعره بحيث تصبح صدى للتشرب العميق لها، بل ظلت تبدو مستمدة من ثقافته الجدلية.

ثم تجيء الثالثة، وهي مرحلة تم فيها إخضاع الشعر للفكرة الفلسفية، ولا ريب في أن ذلك ناجم عن عاملين: الحرية النسبية في التعبير عن الاتجاه الفكري أولاً ثم تأثير شعر أبي العلاء المعري ثانيا. وقد عاش الاتجاهان الثاني والثالث في هذا العصر الذي ندرسه، فكان ابن


(١) الطوق: ٧.
(٢) الطوق: ١٠.

<<  <   >  >>