للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتذكرنا هذه الأرجوزة بمنهج ابن حزم في إيراد المقدمات الأولى في علم المنطق كما صوره كتاب " التقريب "، كذلك تذكرنا بقصيدة لابن حزم مطلعها (١) :

لك الحمد يا رب والقول ثم ...

ويختلط هذا الاتجاه بالمذهب التعليمي من جهة والمذهب الزهدي من جهة أخرى ويتوشح ببعض الآراء الكلامية.

أما التيار القائم على التفلسف فقد وجد أيضا أنصاره وبخاصة في مجال الرثاء، وشيخ هذا الاتجاه في ذلك الفن هو عبد الجليل بن وهبون المرسي أحد شعراء الدولة العبادية، وقد انقطع إلى الأستاذ أبي الحجاج الأعلم، مؤدب ولد المعتمد، وقربه المعتمد فاختص هو به ولم يرحل إلى ملك سواه، إلا انه كان يعود كل عام لزيارة أهله في مرسية، فلما خلع صاحبه حاول الخلاص من اشبيلية، وقبل أن يصل مرسية قابلته قطعة من خيل النصارى فلقي منيته حينئذ (حوالي ٤٨٤) . وقد توفي الأعلم الشنتمري يوم كان عبد الجليل ما يزال في كنف المعتمد فرثاه بقصيدة ملأها بالتفلسف حول مشكلة الحياة والموت وهو يجمع فيها اثر المتنبي والمعري معا (٢) :

نفسي وجسمي إن وصفتهما معا ... آل يذوب وصخرة خلقاء

لو تعلم الأجيال كيف مآلها ... علمي لما امتسكت لها أرجاء

انا لنعلم ما يراد بنا فلم ... تعيا القلوب وتغلب الأهواء

طيف المنايا في أساليب المنى ... وعلى طريق الصحة الأدواء


(١) انظر الملحق: ٣ من كتابي " تاريخ الأدب الأندلسي - عصر سيادة قرطبة ".
(٢) الذخيرة - القسم الثاني (المخطوط) : ١٩٤.

<<  <   >  >>